نفس العوج. على طريقة المبالغة في مثل رجل صوم، ويكون ذلك أبلغ في ذمهم وتوبيخهم- والله أعلم- وَأَنْتُمْ شُهَداءُ بأنها سبيل الله والصد عنها ضلال وإضلال وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ تهديد ووعيد.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٠٠]]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أي بحسن اعتقادكم فيهم لكونهم أهل الكتاب يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ أي بالتوحيد والنبوة كافِرِينَ لأنهم يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله، كما قال تعالى:
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ معنى الاستفهام فيه الإنكار والتعجيب. والمعنى: من أين يتطرق لكم الكفر؟ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وهي القرآن المعجز الذي هو أجلّ من الآيات المتلوّة عليهم وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ينبهكم ويعظكم ويزيح شبهكم، وقد هداكم من الضلالة، وأنقذكم من الجهالة وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أي من يتمسك بدينه الحق الذي بيّنه بآياته على لسان رسوله، وهو الإسلام والتوحيد، المعبر عنه بسبيل الله، فهو على هدى لا يضل متبعه. قال الزمخشريّ: ويجوز أن يكون حثّا لهم على الالتجاء إليه في دفع شرور الكفار ومكايدهم- انتهى- فالجملة حينئذ تذييل لقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا ... إلخ، لأن مضمونه أنكم إن تطيعوهم لخوف شرورهم ومكايدهم، فلا تخافوهم، والتجئوا إلى الله في دفع ذلك، لأن من التجأ إليه كفاه.