للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إلا في قصته. السادس-

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «١» دخل على عائشة وعندها رجل قاعد. فاشتد ذلك عليه وغضب. فقالت: إنه أخي من الرضاعة. فقال: انظرن إخوتكن من الرضاعة. فإنما الرضاعة من المجاعة. متفق عليه. واللفظ لمسلم.

وفي قصة سالم مسلك. وهو أن هذا كان موضع حاجة. فإن سالما كان قد تبناه أبو حذيفة ورباه. ولم يكن له منه ومن الدخول على أهله بدّ. فإذا دعت الحاجة إلى مثل ذلك فالقول به مما يسوغ فيه الاجتهاد، ولعل هذا المسلك أقوى المسالك.

وإليه كان شيخنا يجنح. انتهى. يعني تقيّ الدين بن تيمية رضي الله عنهما.

وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ. قال الرازيّ: إنه تعالى نص في هذه الآية على حرمة الأمهات والأخوات من جهة الرضاعة. إلا أن الحرمة غير مقصورة عليهن.

لأنه صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»

. وإنما عرفنا أن الأمر كذلك بدلالة هذه الآيات. وذلك لأنه تعالى لما سمى المرضعة أما، والمرضعة أختا، فقد نبه بذلك على أنه تعالى أجرى الرضاع مجرى النسب. وذلك لأنه تعالى حرم بسبب النسب سبعا: اثنتان منها هما المنتسبتان بطريق الولادة، وهما الأمهات والبنات. وخمس منها بطريق الأخوة، وهن الأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت. ثم إنه تعالى لما شرع بعد ذلك في أحوال الرضاع، ذكر من هذين القسمين صورة واحدة تنبيها بها على الباقي. فذكر من قسم قرابة الولادة، الأمهات. ومن قسم قرابة الأخوة، الأخوات. ونبه بذكر هذين المثالين، من هذين القسمين، على أن الحال في باب الرضاع كالحال في النسب. ثم إنه صلى الله عليه وسلم أكد هذا البيان بصريح

قوله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.

فصار صريح الحديث مطابقا لمفهوم الآية. وهذا بيان لطيف.

انتهى.

[لطيفة:]

تعرض بعض المفسرين في هذا المقام لفروع فقهية مسندها مجرد الأقيسة.


(١)
أخرجه مسلم في: الرضاع، ٨- باب إنما الرضاعة من المجاعة، حديث ٣٢. وهذا نصه: عن مسروق قال: قالت عائشة: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قاعد. فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه. قالت: فقلت: يا رسول الله! إنه أخي من الرضاعة. قالت: فقال: «انظرن إخوتكن من الرضاعة. فإنما الرضاعة من المجاعة»
. (٢)
أخرجه البخاري في: الشهادات، ٧- باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت القديم، حديث ١٢٨٤ ونصه: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بنت حمزة «لا تحلّ لي. يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. هي ابنة أخي من الرضاعة»
.

<<  <  ج: ص:  >  >>