للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الآية أصل في طلب الولاية كالقضاء ونحوه، لمن وثق من نفسه بالقيام بحقوقه، وجواز التولية عن الكافر والظالم. وأصل في جواز مدح الإنسان نفسه لمصلحته، وفي أن المتولي أمرا، شرطه أن يكون عالما به، خبيرا، ذكّي الفطنة- كذا في (الإكليل) .

قال أبو السعود: وإنما لم يذكر إجابة الملك إلى ما سأله، عليه السلام، من جعله على خزائن الأرض، إيذانا بأن ذلك أمر لا مردّ له، غنّي عن التصريح، ولا سيما بعد تقديم ما يندرج تحته من أحكام السلطنة بحذافيرها، من قوله: إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ، وللتنبيه على أن كل ذلك من الله عزّ وجلّ، وإنما الملك آلة في ذلك.

[تنبيه:]

قال ابن كثير: خزائن الأرض هي الأهرام التي يجمع فيها الغلات ... إلخ.

ولم أر الآن مستنده في كون الأهرام كانت مجمع الغلات، ولم أقف عليه في كلام غيره.

و (الأهرام) بفتح الهمزة، جمع هرم بفتحتين وهي مبان مربعة الدوائر، مخروطية الشكل، بقي منها الآن ثلاثة في الجيزة، بعيدة أميالا عن القاهرة، معدودة من غرائب الدنيا دعيت لرؤياها أيام رحلتي للديار المصرية عام ١٣٢١ هـ. وقد استقرّ رأي المتأخرين في تحقيق شأنها على أنها كانت مدافن لملوكهم.

ففي كتاب (الأثر الجليل لقدماء وادي النيل) : جميع الأهرام ليست إلا مقابر ملوكية آثر أصحابها أن يتميزوا بها بعد موتهم عن سائر الناس، كما تميزوا عنهم مدة حياتهم، وتوخّوا أن يبقى ذكرهم بسببها على تطاول الدهور، وتراخي العصور، وقد أجمع مؤرخو هذا العصر على أن الهرم الأكبر قبر للملك (خوفو) والثاني (خفرع) والثالث للملك (منقرع) وجميعهم من العائلة المنفيسية. ولا عبرة بقول من زعم أنها معابد أو مراصد للكواكب، أو مدرسة للمعارف الكهنوتية، أو غير ذلك. انتهى.

وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٥٦]]

وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)

وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ أي أرض مصر يَتَبَوَّأُ مِنْها أي ينزل من

<<  <  ج: ص:  >  >>