للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوف، أي بأن أخلصوا ذكر الدار وتناسوا عند ذكرها ذكر الدنيا. وقد جاء المصدر على (فاعلة) كالعاقبة. أو يكون المعنى بأن أخلصنا نحن لهم ذكرى الدار.

وقرأ الباقون بالتنوين وعدم الإضافة. وفيها أوجه: أحدها- أنها مصدر بمعنى الإخلاص، فيكون (ذكرى) منصوبا به، وأن يكون بمعنى الخلوص، فيكون (ذكرى) مرفوعا به، والمصدر يعمل منوّنا كما يعمل مضافا. أو يكون (خالصة) اسم فاعل على بابه. و (ذكرى) بدل أو بيان لها أو منصوب بإضمار (أعني) أو هو مرفوع على إضمار مبتدأ، و (الدار) يجوز أن يكون مفعولا به ب (ذكرى) وأن يكون ظرفا إما على الاتساع وإما على إسقاط الخافض. و (خالصة) إن كانت صفة، فهي صفة لمحذوف. أي بسبب خصلة خالصة. انتهى.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (٣٨) : الآيات ٤٧ الى ٤٨]

وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (٤٧) وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ (٤٨)

وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ أي المختارين من أبناء جنسهم لقربنا الْأَخْيارِ أي المنزهين عن شوائب الشرور. على أنه جمع (خير) مقابل (شر) الذي هو أفعل تفضيل. أو هو جمع (خيّر) المشدد أو المخفف منه وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ أي بالنبوة والرسالة، للهداية والإصلاح.

و (اليسع) خليفة إلياس وكان خادمه. ويقال له بالعبرانية (اليشاع) كما يسمى إلياس فيها (إيليا) ، وفي التوراة نبأ طويل عن اليسع ونبوته ومعجزاته صلوات الله عليه.

وتقدم علم أنباء هؤلاء الأنبياء عليهم السلام، في سورة الأنبياء.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (٣٨) : الآيات ٤٩ الى ٥٠]

هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (٥٠)

هذا ذِكْرٌ أي شرف لهم. و (الذكر) يتجوز به عنه. قال الشهاب: لأن الشرف يلزمه الشهرة والذكر بين الناس، فتجوّز به عنه بعلاقة اللزوم. فيكون المعنى:

أي في ذكر قصصهم وتنويه الله بهم شرف لهم. واختار الزمخشريّ أن المعنى: هذا نوع من الذكر وهو القرآن. أي فالتنوين للتنويع. والمراد بالذكر القرآن. فذكره إنما هو للانتقال من نوع من الكلام إلى آخر.

قال الزمخشريّ: لما أجرى ذكر الأنبياء وأتمه، وهو باب من أبواب التنزيل،

<<  <  ج: ص:  >  >>