آمنوا الإيمان الخالص عن شوائب الشرك والابتداع. ومنه الإيمان بمحمد صلوات الله عليه، المبشر به عندهم. وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ أي خارجون عن مواجب الإيمان ومقاصده.
[تنبيهات:]
الأول- (الرهبانية) هي المبالغة في العبادة والرياضة، والانقطاع عن الناس، وإيثار العزلة والتبتل. وأصلها الفعلة المنسوبة إلى الرّهبان، وهو الخائف. (فعلان) من رهب، ك (خشيان) من خشي.
الثاني- قال ابن كثير في قوله تعالى: فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها: ذمّ لهم من وجهين:
أحدهما- في الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله.
والثاني- في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عزّ وجلّ.
الثالث- رأيت في كثير من مؤلفات علماء المسيحيين المتأخرين ذم بدعة (الرهبنة) وما كان لتأثيرها في النفوس والأخلاق من المفاسد والاضرار. فقد قال صاحب (ريحانة النفوس) منهم، في الباب السابع عشر، في الرهبنة:
إن الرهبنة قد نشأت من التوهم بأن الانفراد عن معاشرة الناس، واستعمال التقشفات والتأملات الدينية، هي ذات شأن عظيم. ولكن لا يوجد سند لهذا الوهم في الكتب المقدسة لأن مثال المسيح، ومثال رسله يضادانه باستقامة، فإنهم لم يعتزلوا عن الاختلاط بالناس، لكي يعيشوا بالانفراد، بل إنما كانوا دائما مختلطين بالعالم، يعلّمون وينصحون. ونحن نقول بكل جراءة: إنه لا يوجد في جميع الكتاب المقدس مثال للرهبنة، ولا يوجد أمر من أوامره يلزم بها. بل بالعكس، فإن روح الكتاب وفحواه يضادّ كل دعوى مبنية على العيشة المنفردة المقرونة بالتقشفات، ولكن مع أن الكتاب المقدس لا يمدح العيشة الانفرادية، فقد ظهر الميل الشديد إليها في الكنيسة، في أواخر الجيل الثاني وأوائل الجيل الثالث. وأيد بعض الباحثين المقاومين لها وقتئذ، أنها عادة سرت للمسيحيين من الهنود الوثنيين السمانيين، فإن لهم أنواعا كثيرة من عبادات تأمر كهنتها بالبتولية والامتناع عن أكل اللحم وأمورا أخرى مقرونة بخرافات.
ثم قال: ومع أن الرهبنة حصل عليها مقاومة من العقلاء، امتدت وانتشرت في