الجهلة من الكفرة الفجرة. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [غافر: ٦٠] ، تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ أي ترتفع وتتنحى عن الفرش ومواضع النوم. والجملة مستأنفة لبيان بقية محاسنهم، وهم المتهجدون بالليل يَدْعُونَ رَبَّهُمْ أي داعين له خَوْفاً من عذابه وَطَمَعاً في رحمته وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ أي من المال يُنْفِقُونَ أي في وجوه البرّ والحسنات.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٧ الى ٢٠]
فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ أي ما ذخر وأعدّ أي لهؤلاء الذين عددت مناقبهم مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ أي مما تقرّ به عينهم من طيبة النفس والثواب والكرامة في الجنة جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أي في الدنيا من الأعمال الصالحة أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً أي كافرا جاحدا لا يَسْتَوُونَ أي في الآخرة بالثواب والكرامة. كما لم يستووا في الدنيا بالطاعة والعبادة. ثم فصّل مراتب الفريقين بقوله أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا أي ثوابا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وكقوله تعالى كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها [الحج: ٢٢] ، كناية عن دوام عذابهم واستمراره وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ أي يقال لهم ذلك، تشديدا عليهم وزيادة في غيظهم، وتقريعا وتوبيخا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة السجده (٣٢) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ أي أهل مكة مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى أي عذاب الدنيا والجدب والقتل والأسر دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ يعني عذاب الآخرة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي