للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسفوح هو ما سال من الحيوان في حال الحياة، أو عند الذبح- لا كالكبد والطحال- وكذا ما اختلط باللحم من الدم لأنه غير سائل. قال عمران بن جدير:

سألت أبا مجلز عما يختلط باللحم من الدم، وعن القدر يرى فيها حمرة الدم فقال: لا بأس بذلك! إنما نهى عن الدم المسفوح.

وقال إبراهيم النخعي: لا بأس بالدم في عرق أو مخّ، إلّا المسفوح.

وقال عكرمة: لولا هذه الآية لتتبع المسلمون الدم من العروق ما تتبع اليهود.

ثم بيّن تعالى أنه حرم على اليهود أشياء أخرى غير هذه الأربعة، تحقيقا لافتراء المشركين فيما حرّموه، إذ لم يوافق شيئا مما أنزله تعالى، فقال سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٤٦]]

وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (١٤٦)

وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا أي اليهود خاصة حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ قال سعيد بن جبير: هو الذي ليس منفرج الأصابع- كالجمل والوبر والأرنب- فإنها من ذوات الأظفار الغير المشقوقة- أي المنفرجة- وأما ذو الظفر المشقوق وهو يجترّ من البهائم، فلم يحرم عليهم.

وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما لا لحومهما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما يعنى: ما علق بالظهر من الشحوم أَوِ الْحَوايا أي: الأمعاء والمصارين- أي ما حملته من الشحوم- أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ كالمخ والعصعص ذلِكَ أي: تحريم تلك الأطايب عليهم جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ بسبب ظلمهم، وهو قتلهم الأنبياء بغير حق، وأكلهم الربا- وقد نهوا عنه- وأكلهم أموال الناس بالباطل كقوله تعالى فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً [النساء: ١٦٠] .

قال المهايميّ: أي: ولم يكن لغيرهم ذلك البغي، فلا وجه لتحريمها عليهم مع كونها أطايب في أنفسها.

وَإِنَّا لَصادِقُونَ أي: في جميع أخبارنا التي من جملتها هذا الخبر وهو تخصيص التحريم بهم، لبغيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>