الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ
أي أنه حق، لتفريطكم في طلب الحق واتباعه فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أي بالشرك، أو إنكار الربوبية، أو الرسالة، أو شيء لا يجب الإيمان به مَعْذِرَتُهُمْ أي بأنهم كفروا عن جهل. لأنه إنما كان عن تقصيرهم في إزالته، أو عن عناد وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أي ولا يطلب منهم الإعتاب.
أي إزالة العتب بالتوبة والطاعة. لأنهما، وإن كانتا ماحيتين للكفر والمعاصي، فإنما كان لهما ذلك في مدة الحياة الدنيا، لا غير.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الروم (٣٠) : الآيات ٥٨ الى ٦٠]
وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ أي من كل وصف يوضح الحق ويزيل اللبس. أو من كل دليل على الأمور الأخروية. والحق يجري مجرى المثل في الظهور وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ أي مما اقترحوه أو غيرها لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ أي لا يؤمنون بها. ويعتقدون أنها سحر وباطل كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ أي لا يطلبون العلم ولا يتحرون الحق. بل يصرون على خرافات اعتقدوها وترهات ابتدعوها. فإن الجهل المركب يمنع إدراك الحق، ويوجب تكذيب المحق. قاله أبو السعود فَاصْبِرْ أي على ما تشاهد منهم، من الأقوال الباطلة والأفعال السيئة إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ أي في قوله وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ [الصافات: ١٧١- ١٧٣] ، وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ أي لا يحملنك على الخفة والقلق الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ أي بما تتلو عليهم من الآيات البينة، بتكذيبهم إياها ومكرهم فيها. فإنه تعالى منجز لك ما وعدك من نصرك عليهم وجعله العاقبة لك، ولمن اعتصم بما جئت به من المؤمنين.