للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا يعنون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا أي القرآن الكريم إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً، وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : آية ٤٤]]

وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤)

وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ أي ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن، وما أرسل إليهم نبيا قبل محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقد كانوا يودون ذلك ويقولون: لو جاءنا نذير أو أنزل علينا كتاب لكنا أهدى من غيرنا. فلما منّ الله عليهم بذلك كذبوه وجحدوه وعاندوه. ثم هددهم سبحانه بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : آية ٤٥]]

وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٥)

وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي من الأمم المتقدمة والقرون الخالية كما كذبوا وَما بَلَغُوا أي هؤلاء مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ يعني أولئك، من المال وبسطة الملك والعمران والمدينة فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أي عقابي ونكالي وانتقامي.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : آية ٤٦]]

قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦)

قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ أي بخصلة واحدة إن فعلتموها أصبتم الحق وقد فسرها بقوله أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى أي قياما خالصا لله بلا محاباة.

ولا مراءاة، اثنين اثنين وواحدا واحدا ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا أي في أمره صلّى الله عليه وسلّم وما جاء به من الهدى والإصلاح وتهذيب الأخلاق. ورفع النفس عن عبادة ما هو أحط منها من الأوثان، إلى عبادة فاطر الأرض والسموات، واتباع الأحسن، ونبذ التقاليد، وإنزال الرؤساء إلى مصاف المرؤوسين رغبة في الإخاء والمساواة، إلى غير ذلك من محاسن الإسلام وخصائصه المعروفة في الكتب المؤلفة في ذلك. وقوله تعالى: ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ أي جنون. مستأنف منبّه لهم على أن ما عرفوه من رجاحة عقله كاف في

<<  <  ج: ص:  >  >>