للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (٣٧) : آية ١٨٢]]

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أي على نعمه، التي أجلّها إرسال الرسل لإظهار أسمائه الحسنى وشرائعه العليا، وإصلاح الأولى والأخرى.

[فوائد في خواتم هذه السورة:]

الأولى- روى ابن جرير عن الوليد بن عبد الله قال: كانوا لا يصفّون في الصلاة حتى نزلت وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ فصفوا. وقال أبو نضرة: كان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه ثم قال: أقيموا صفوفكم، استقيموا قياما، يريد الله بكم هدى الملائكة. ثم يقول: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ تأخّر يا فلان، تقدم يا فلان، ثم يتقدم فيكبر. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير.

وفي صحيح مسلم «١» عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة. وجعلت لنا الأرض مسجدا. وتربتها لنا طهورا.

الثانية-

روى الشيخان «٢» عن أنس رضي الله عنه قال: صبّح رسول الله صلى الله عليه وسلّم خيبر. فلما خرجوا بفئوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش، رجعوا وهم يقولون: محمد والله! محمد والخميس. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلّم: الله أكبر خربت خيبر (إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين)

. دلّ تمثله صلى الله عليه وسلّم بالآية على شمولها لعذاب الدنيا، أولا وبالذات.

الثالثة- قال ابن كثير: لما كان التسبيح يتضمن التنزيه والتبرئة من النقص، بدلالة المطابقة. ويستلزم إثبات الكمال، كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال المطلق مطابقة، ويستلزم التنزيه من النقص- قرن بينهما في هذا الموضع، وفي مواضع كثيرة من القرآن. ولهذا قال تبارك وتعالى: سُبْحانَ رَبِّكَ الآيات.

الرابعة-

روى ابن حاتم عن الشعبيّ مرسلا: من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى


(١) أخرجه في: المساجد ومواضع الصلاة، حديث رقم ٤.
(٢) أخرجه البخاري في: الأذان، ٦- باب ما يحقن بالأذان من الدماء، حديث ٢٤٦.
وأخرجه مسلم في: النكاح، حديث رقم ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>