أي إثم فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ أي فيما فعلتموه من نسبة بعضهم إلى غير أبيه في الحقيقة، مخطئين بالسهو أو النسيان. أو سبق اللسان، لأن الله تعالى قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ أي ففيه الجناح، لأن من تعمد الباطل كان آثما وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً أي لعفوه عن المخطئ.
النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أي في كل شيء من أمور الدين والدنيا.
فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها، وحقه آثر لديهم من حقوقها، وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها. وأن يبذلوها دونه، ويجعلوها فداءه إذا أعضل خطب، ووقاءه إذا لقحت حرب. وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم، ولا ما تصرفهم عنه. ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصرفهم عنه. لأن كل ما دعا إليه فهو إرشاد لهم إلى نيل النجاة والظفر بسعادة الدارين. وما صرفهم عنه، فأخذ بحجزهم لئلا يتهافتوا فيما يرمي بهم إلى الشقاوة وعذاب النار. أفاده الزمخشريّ.
وهذا كما قال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء: ٦٥] ، وفي الصحيح: والذي نفسي بيده! لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ أي في وجوب تعظيمهن واحترامهن، وتحريم نكاحهن. وفيما عدا ذلك كالأجنبيات، ولذا قال ابن كثير: ولكن لا تجوز الخلوة بهن. ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع. وإن سمى بعض العلماء بناتهن، أخوات المؤمنين. كما هو منصوص الشافعيّ رضي الله عنه في (المختصر) وهو من باب إطلاق العبارة، لا إثبات الحكم. وهل يقال لمعاوية وأمثاله، خال المؤمنين، فيه قولان: وعن الشافعيّ أنه يقال ذلك. وهل يقال له صلّى الله عليه وسلّم:
أبو المؤمنين، فيه قولان: فصح عن عائشة المنع، وهو أصح الوجهين للشافعية لقوله تعالى ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وروي عن أبيّ بن كعب وابن عباس