للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإجماع القائلين بأنها بدعة..؟.

قال أبو محمد: وحتى لو لم يبلغنا الخلاف لكان القاطع على جميع أهل الإسلام بما لا يقين عنده، ولا بلغه عن جميعهم- كاذبا على جميعهم.

هذا ما أفاده الإمام ابن القيّم في (زاد المعاد) . ثم ذكر حجج المانعين من وقوعه، وحجج من أوقعه، والمناقشة فيها، فراجعه إن شئت.

وذكر في خلال البحث: أنه لا دليل في قوله: مره فليراجعها، على وقوع الطلاق. لأن المراجعة قد وقعت في كلام الله ورسوله على ثلاثة معان: منها ابتداء النكاح كقوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ، ولا خلاف بين أحد من أهل العلم بالقرآن أنّ المطلق- هاهنا- هو الزوج الثاني. وأن التراجع بينها وبين الزوج الأول. وذلك نكاح مبتدأ. ومنها الردّ الحسيّ إلى الحالة التي كان عليها أولا كقوله «١» لأبي النعمان بن بشير لما نحل ابنه غلاما خصه به دون ولده: ردّه. فهذا ردّ ما لم تصح فيه الهبة الجائرة التي سمّاها رسول الله صلّى الله عليه وسلم جورا. وأخبر أنها لا تصح، وأنها خلاف العدل. ومن هذا قوله لمن فرق بين جارية وولدها في البيع فنهاه عن ذلك وردّ البيع وليس هذا الردّ مستلزما لصحة البيع، فإنه بيع باطل، بل هو ردّ شيئين إلى حالة اجتماعهما كما كانا. وهكذا الأمر، بمراجعة ابن عمر امرأته، ارتجاع وردّ إلى حالة الاجتماع كما كانا قبل الطلاق، وليس في ذلك ما يقتضي وقوع الطلاق في الحيض البتة، وثمة وجوه أخرى، والله أعلم.

[فصل]

وأما الخلع: فالتحقيق أنه فسخ لا طلاق. وأن العدّة فيه حيضة.

روى أبو داود «٢» في (سننه) عن ابن عباس أنّ امرأة ثابت بن قيس بن شماس اختلعت من زوجها، فأمرها النبيّ صلّى الله عليه وسلم أن تعتدّ حيضة

. ففي ذلك دليل على حكمين: أحدهما


(١)
أخرجه البخاريّ في: الهبة، ١٢- باب الهبة للولد، حديث ١٢٦٣ ونصه: عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما. فقال: «أكلّ ولدك نحلت مثله؟» قال: لا. قال «فارجعه» .
وأخرجه مسلم في: الهبات، حديث ٩.
[.....] (٢) أخرجه أبو داود في: الطلاق، ١٨- باب في الخلع، حديث ٢٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>