تعالى: فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس: ١٠٦] . ومنه: الحذف وهو أنواع وقد تقدمت في أول هذا الكتاب- يعني كتابه- ومن ضروب التفسير وأحكامه: تعين المضاف المحذوف. ومنه: ترجيح بعض المضافات المحذوفة على بعض. ومنه: استواء المضافات المحذوفة من غير ترجيح. ومنه: ترجيح بعض المفاعيل المحذوفة على بعض. ومنه: استواؤها. ومنه:
تعين بعضها. ومنه: ترجيح بعض ما تصح الإشارة إليه بذلك على بعض. ومنه: تعين ما يشار إليه بذلك. ومنه: عود الإشارة بذلك إلى ما ليس بمذكور. ومنه: ترجيح بعض الموصوفات على بعض. ومنه تعين بعض الموصوفات المحذوفة. ومنه ترجيح ما تعود إليه الضمائر. ومنع: تردد ما تعود إليه الضمائر. ومنه: عود الضمائر إلى ما ليس بمذكور. ومنه: عود الضمائر إلى ما دل عليه اللفظ وليس بمذكور، انتهى.
[سر تكرير قصة موسى مع فرعون]
ذكرنا قبل ما قاله العز بن عبد السلام- في التكرير- من الأسرار الباهرة التي تشمل قصة موسى مع فرعون. ثم رأيت كلاما- في ذلك- لشيخ الإسلام تقيّ الدين بن تيمية- في خلال رسالة له- يقول رحمه الله:
«وثنّى في القرآن قصة موسى مع فرعون لأنهما في طرفي نقيض، في الحق والباطل. فإن فرعون في غاية الكفر والباطل، حيث كفر بالربوبية وبالرسالة. وموسى في غاية الحق والإيمان من جهة أن الله كلمه تكليما لم يجعل الله بينه وبين خلقه واسطة من خلقه، فهو مثبت لكمال الرسالة، وكمال التكليم، ومثبت لرب العالمين بما استحقه من النعوت، وهذا بخلاف أكثر الأنبياء مع الكفار، فإن الكفار أكثرهم لا يجحدون وجود الله، ولم يكن أيضا للرسل- من التكليم- ما لموسى. فصارت قصة موسى وفرعون أعظم القصص، وأعظمها اعتبارا لأهل الإيمان ولأهل الكفر. ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقص على أمته عامة ليله عن بني إسرائيل، وكان يتأسّى بموسى في أمور كثيرة، ولما بشّر بقتل أبي جهل يوم بدر
قال: «هذا فرعون هذه الأمة»
. وكان فرعون وقومه من الصابئة المشركين الكفار، ولهذا كان يعبد آلهة من دون الله، كما أخبر عنه بقوله: وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ [الأعراف: ١٢٧] وإن كان عالما بما جاء به موسى. مستيقنا له، لكنه كان جاحدا مثبورا، كما أخبر الله بذلك في قوله: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً