وذلك فيما عدا الملائكة. وقلنا (الأغلب) لما سمع من إطلاق الجن في الملائكة.
قال الأعشى يذكر سليمان عليه السلام:
وسخّر من جنّ الملائك تسعة ... قياما لديه يعملون محاربا
وقال الراغب: الجن يقال على وجهين: أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها، بإزاء الإنس. فعلى هذا تدخل فيه الملائكة. وقيل: بل الجن بعض الروحانيين. وذلك أن الروحانيين ثلاثة: أخيار وهم الملائكة. وأشرار وهم الشياطين. وأوساط فيهم أخيار وأشرار، وهم الجن، ويدل على ذلك قوله تعالى:
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ [الجن: ١] إلى قوله تعالى: وَمِنَّا الْقاسِطُونَ [الجن: ١٤] . انتهى.
وردّ إطلاق الجن على الملائكة العلامة الفاسي في شرحه على (القاموس) فقال: تفسير الجن بالملائكة مردود. إذ خلق الملائكة من نور لا من نار كالجن.
والملائكة معصومون. ولا يتناسلون ولا يتّصفون بذكورة وأنوثة، بخلاف الجن.
ولهذا قال الجماهير: الاستثناء في قوله تعالى: إِلَّا إِبْلِيسَ [البقرة: ٣٤] ، منقطع أو متصل. لكونه كان مغمورا فيهم، متخلقا بأخلاقهم. انتهى. وهو يؤيد ما ذهبنا إليه. وبيت الأعشى لا يصلح حجة، لفساد مصداقه. لأن سليمان لم تسخّر الملائكة لتشيد له المباني. وليس ذلك من عملهم عليهم السلام. وقد مر الكلام على ذلك في تفسير سورة (سبأ) .
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (٣٧) : آية ١٥٩]]
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩)
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ أي من الولد والنسب. وقوله:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (٣٧) : آية ١٦٠]]
إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠)
إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء من (المحضرين) الذين هم الجنة، متصل على القول الأول، أي المؤمنين منهم. ومنقطع على الثاني. أو استثناء منقطع من (واو) يصفون. هذا، وبقي وجه في الآية لم يذكروه. وهو أن يراد بالنسب المناسبة والمشاكلة في العبادة. ويراد بالجنة الملائكة. ويكون المراد من الآية الإخبار عمن