رحمه الله رواه عن محمد بن إدريس الشافعيّ رحمه الله عن مالك بن أنس الأصبحيّ رحمه الله عن الزهريّ عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجرة الجنة حتى يرجعه الله تبارك وتعالى إلى جسده يوم يبعثه.
قوله: يعلق أي يأكل. وفي هذا الحديث أن روح المؤمن تكون على شكل طائر في الجنة، وأما أرواح الشهداء، فكما تقدم، في حواصل طير خضر، فهي كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين، فإنها تطير بأنفسها، فنسأل الله الكريم المنان، أن يميتنا على الإيمان- انتهى-.
[تنبيه:]
قال الواحديّ: الأصح في حياة الشهداء، ما روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أن أرواحهم في أجواف طير خضر، وأنهم يرزقون ويأكلون ويتنعمون.
وقال البيضاويّ: الآية تدل على أن الإنسان غير الهيكل المحسوس، بل هو جوهر مدرك بذاته، لا يفنى بخراب البدن، ولا يتوقف عليه إدراكه وتألمه والتذاذه، ويؤيد ذلك قوله سبحانه وتعالى: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها ... [غافر: ٤٦] الآية-.
وحديث: أرواح الشهداء في أجواف طير.. إلخ.
قال الشهاب: يعني ليس الإنسان مجرد البدن بدون النفس المجردة، بل هو في الحقيقة النفس المجردة، وإطلاقه على البدن لشدة التعلق بها، وهو جوهر مدرك لذاته، أي من غير احتياج إلى هذا البدن، لوصفه بعد مفارقته بالتنعم ونحوه- انتهى.
وقال أبو السعود: في الآية دلالة على أن روح الإنسان جسم لطيف، لا يفنى بخراب البدن، ولا يتوقف عليه إدراكه وتألمه والتذاذه. ومن قال بتجريد النفوس البشرية يقول: المراد أن نفوس الشهداء تتمثل طيورا خضرا أو تتعلق بها فتلتذ بما ذكر- انتهى.
وقد أسلفنا في سورة البقرة، في مثل هذه الآية، زيادة على ذلك. فتذكر.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٧٠]]