والشّبه إلى نور الإيمان والدلائل القطعية بِإِذْنِهِ أي: بتوفيقه وإرادته وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وهو الدين الحقّ السويّ في الاعتقادات والأعمال، العريّ عن الإفراط والتفريط فيها. ثم أشار إلى إفراط بعض النصارى في حق عيسى، وتفريطهم في حقّ الله جل شأنه فقال:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ في هذه الآية وجهان:
الوجه الأول: إنّ ما أفادته من الحصر- وإن لم يصرحوا به- إلّا أنه نسب إليهم لأنه لازم مذهبهم لأن معتقدهم مؤدّ إليه.
قال الرازيّ: لأنهم يقولون: إن أقنوم الكلمة اتحد بعيسى عليه السلام. فأقنوم الكلمة إما أن يكون ذاتا أو صفة. فإن كان ذاتا فذات الله تعالى قد حلّت في عيسى واتّحدت بعيسى فيكون عيسى هو الإله على هذا القول. وإن قلنا: إنّ الأقنوم عبارة عن الصفة، فانتقال الصفة من ذات إلى ذات أخرى غير معقول. ثم بتقدير انتقال أقنوم العلم عن ذات الله تعالى إلى عيسى، يلزم خلوّ ذات الله عن العلم. ومن لم يكن عالما لم يكن إلها. فحينئذ يكون الإله هو عيسى. على قولهم. فثبت أنّ النصارى- وإن كانوا لا يصرحون بهذا القول- إلا حاصل مذهبهم ليس إلّا ذلك.
انتهى.
وبطلان الاتحاد معلوم بالبداهة.
قال العلامة العضد في (الموقف الثاني) : المقصد الثامن: الاثنان لا يتحدان.
وهذا حكم ضروريّ. فإن الاختلاف بين الماهيتين والهويتين اختلاف بالذات فلا يعقل زواله. وهذا ربما يزاد توضيحه فيقال: إن عدم الهويتان فلا اتحاد، بل وحدث أمر ثالث غيرهما- وإن عدم أحدهما- فلا يتحد المعدوم بالموجود، وإن وجدا فهما اثنان كما كانا، فلا اتحاد أيضا. انتهى.