الناحية التي يقصدها المسافر بذلك، للمشقة التي تلحقه في الوصول إليها. وقرئ (بعدت) بكسر العين. قال الشهاب: بعد يبعد كعلم يعلم، لغة فيه، لكنه اختص ببعد الموت غالبا. و (لا تبعد) يستعمل في المصائب للتفجع والتحسر كقوله:
لا يبعد الله إخوانا لنا ذهبوا ... أفناهم حدثان الدهر والأبد
وَسَيَحْلِفُونَ أي هؤلاء المتخلفون عن غزوة تبوك بِاللَّهِ متعلق ب (سيحلفون) ، أو هو من جملة كلامهم. والقول مراد في الوجهين. أي سيحلفون عند رجوعك من غزوة تبوك، معتذرين بالعجز، يقولون بالله لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ أي إلى تلك الغزوة.
ثم بيّن تعالى أن هذه الدعوى الكاذبة والحلف لا يفيدانهم، بقوله سبحانه يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ أي بهذا الحلف والمخالفة ودعوى العجز وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ لأنهم كانوا يستطيعون الخروج مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ أي لهؤلاء المنافقين بالتخلف حين اعتلّوا بعللهم حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ هلا تركتهم لما استأذنوك فلم تأذن لأحد منهم في القعود، لتعلم الصادق منهم في إظهار طاعتك من الكاذب، فإنهم قد كانوا مصرّين على القعود عن الغزو. ولهذا أخبر تعالى أنه لا يستأذنه في القعود عن الغزو أحد يؤمن بالله ورسوله، بقوله سبحانه.
لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ أي لمنع إيمانهم به، من مخالفته، مع القدرة وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لمنع إيمانهم به من ترك تعويض الثواب والحياة الأبديين إذا أمروا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أي لأنهم يودون الجهاد بها قربة، فيبذلونها في