وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ أي بتغيير صورهم وإبطال قواهم عَلى مَكانَتِهِمْ أي مكانهم فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا أي ذهابا وَلا يَرْجِعُونَ أي ولا رجوعا. أي أنهم لا يقدرون على مفارقة مكانهم. فوضع الفعل موضعه للفواصل. وإذا كان بمعنى (لا يرجعون عن تكذيبهم) فهو معطوف على جملة (ما استطاعوا) والمراد أنهم بكفرهم ونقضهم ما عهد إليهم، أحقّاء بأن يفعل بهم ذلك. لكنا لم نفعل لشمول الرحمة، واقتضاء لحكمة إمهالهم.
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ أي نطل عمره نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أي بتناقض قواه وضعف بنيته حتى يرجع في حال شبيهة بحال الصبيّ في ضعف جسده وقلة عقله وخلّوه من العلم، كما قال عز وجل: وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً [الحج: ٥] ، ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ [التين: ٥] . أَفَلا يَعْقِلُونَ أي من قدر على ذلك، قدر على الطمس والمسخ، وأن يفعل ما يشاء.
وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ أي حتى يأتي بشعر. وهذا رد لقولهم أنه صلوات الله عليه شاعر أتى بشعر. قاسوه على من يشعر بقراءة الدواوين وكثرة حفظها. وكيف يشابه ما نزل عليه الشعر، وليس منه لا لفظا لعدم وزنه وتقفيته، ولا معنى لأن الشعر تخيلات، وهذا حكم وعقائد وشرائع وحقائق.
وَما يَنْبَغِي لَهُ أي وما يصح لمقامه. لأن منزل النبوة والرسالة يتسامى عن الشعر وقرضه. لما يرمى به الشعراء كثيرا من الكذب والمين ومجافاة مقاعد الحقيقة.
ولذا قال تعالى: إِنْ هُوَ أي القرآن الذي يتلوه إِلَّا ذِكْرٌ أي عظة وإرشاد منه