للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تنبيهان في لطائف هذه القصة وفوائدها الباهرات:]

الأول- لم تختلف الروايات أنه نزلت في قصة زيد بن حارثة وزوجه زينب بنت جحش. ورواه البخاري «١» عن أنس في التفسير.

ورواه عنه في التوحيد قال: جاء زيد بن حارثة يشكو. فجعل النبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول: اتق الله وأمسك عليك زوجك.

وأخرجه أحمد بلفظ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم منزل زيد بن حارثة. فجاءه زيد يشكوها إليه. فقال له: أمسك زوجك واتق الله. فنزلت.

وقد أخرج ابن أبي حاتم هذه القصة من طريق السّدي. فساقها سياقا حسنا واضحا ولفظه: بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش، وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم أراد أن يزوجها زيد بن حارثة مولاه فكرهت ذلك، ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فزوجها إياه، ثم أعلم الله عزّ وجلّ نبيّه صلى الله عليه وسلّم بعد، أنها من أزواجه. فكان يستحي أن يأمره بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يمسك عليه زوجه، وأن يتقي الله. وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا تزوج امرأة ابنه. وكان قد تبنى زيدا.

وعنده، من طريق علي زيد بن جدعان عن علي بن الحسين بن عليّ، قال: أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلّم أن زينب ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها، فلما أتاه زيد يشكوها إليه، وقال له: اتق الله وأمسك عليك زوجك. قال الله تعالى: (قد أخبرتك أنّي مزوّجكها) ، وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ [الأحزاب: ٣٧] .

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) بعد نقل ما تقدم: ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبريّ، ونقلها كثير من المفسرين، لا ينبغي التشاغل بها، والذي أوردته منها هو المعتمد. انتهى.

وقال الحافظ ابن كثير: ذكر ابن أبي حاتم وابن جرير هاهنا أثارا، أحببنا أن نضرب عنها صفحا، لعدم صحتها، فلا نوردها. انتهى.

الثاني- قال القاضي عياض رحمه الله في (الشفا) في بحث أقواله صلّى الله


(١) أخرجه في: التفسير، ٣٣- سورة الأحزاب، ٦- باب قوله وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ، حديث رقم ٢٠٣٢.
وأخرجه في: التوحيد، ٢٢- باب: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ، حديث رقم ٢٠٣٢.
أخرجه ٣/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>