أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ وهم المؤمنون عند استئذانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال، قبل أن يؤمروا به كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ أي: عن القتال. فإنكم لم تؤمروا به وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ أي: أتموا الصلوات الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها، وما يجب فيها من مواقيتها. وأعطوا زكاة أموالكم فَلَمَّا كُتِبَ أي فرض عَلَيْهِمُ الْقِتالُ أي الجهاد في سبيل الله حين قوي حالهم إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ أي طائفة منهم وهم المنافقون. وإدخالهم مع المؤمنين لما كانوا يظهرونه من أنفسهم أنهم منهم يَخْشَوْنَ النَّاسَ أي: يخافون أهل مكة الكفار أن يقتلوهم كَخَشْيَةِ اللَّهِ أي كما يخشون الله أن ينزل عليهم بأسه أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً أي: أكثر خوفا منه.
فإن قيل: ظاهر قوله أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً يوهم الشك. وذلك على علام الغيوب محال. (أجيب) بأن (أو) إما بمعنى (بل) أو هي للتنويع على أن معنى: أن خشية بعضهم كخشية الله، وخشية بعضهم أشد منها. أو للإبهام على السامع. بمعنى أنهم على إحدى الصفتين من المساواة والشدة. وهو قريب مما في قوله تعالى:
أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات: ١٤٧] ، يعني أن من يبصرهم يقول:
إنهم مائة ألف أو يزيدون.
[تنبيه:]
حكى المفسرون هنا رواية عن ابن عباس، أن هذه الآية نزلت في جماعة من