وتندفعون فيه وَما يَعْزُبُ أي يغيب عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ أي نملة أو هباء فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ أي في دائرة الوجود والإمكان.
وقوله تعالى: وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ كلام برأسه، مقرر لما قيله، أي مكتوب مبين، لا التباس فيه، والمراد بالآية البرهان على إحاطة علمه تعالى بحال أهل الأرض، بأن من لا يغيب عن علمه شيء كيف لا يعرف حال أهل الأرض، وما هم عليه مع نبيه صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يونس (١٠) : الآيات ٦٢ الى ٦٤]
أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ جمع وليّ. وهو في الأصل ضد العدوّ، بمعنى المحب وجاز كونه هنا بمعنى الفاعل، أي الذين يتولونه بالطاعة، كقوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ [المائدة: ٥٦] وبمعنى المفعول أي الذي يتولاهم بالإكرام كقوله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [البقرة: ٢٥٧] ، وقوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ...
[المائدة: ٥٥] الآية- وكلا المعنيين متلازمان: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من لحوق مكروه، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أي من الفزع الأكبر، كما في قوله تعالى: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ [الأنبياء: ١٠٣] .
الَّذِينَ آمَنُوا أي بكل ما جاء من عند الله تعالى وَكانُوا يَتَّقُونَ أي يخافون ربهم، فيفعلون أوامره، ويتجنبون مناهيه، من الشرك والكفر والفواحش. ومحلّ الموصول الرفع على أنه خبر لمحذوف، كأنه قيل: من أولئك وما سبب فوزهم بذاك الإكرام؟ فقيل: هم الذين جمعوا بين الإيمان والتقوى المفضيين إلى كل خير، المنجيين من كل شر. أو النصب بمحذوف.
مصدر إما باق على مصدريته، والمبشر به محذوف، أي لهم البشارة فيهما بالجنة، وإنما حذف للعلم به من آيات أخر كقوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا ...