وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ أي إذا سلم عليكم فدعى لسلامة حياتكم وصفاتكم التي بها كمال الحياة بتحية، فقيل: السلام عليكم فَحَيُّوا أي: أداء لحق المسلّم عليكم بِأَحْسَنَ مِنْها أي: بتحية أحسن منها. بأن تقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله. ولو قالها المسلم، زيد: وبركاته. قال الراغب: أصل التحية الدعاء بالحياة وطولها. ثم استعملت في كل دعاء. وكانت العرب، إذا لقي بعضهم بعضا، يقول:
حيّاك الله. ثم استعملها الشرع في السلام، وهي تحية الإسلام. قال الله تعالى:
قالوا: في السلام مزية على (حياك) لما أنه دعاء بالسلامة عن الآفات الدينية والدنيوية، وهي مستلزمة لطول الحياة، وليس في الدعاء بطول الحياة ذلك. ولأن السلام من أسمائه تعالى. فالبداءة بذكره مما لا ريب في فضله ومزيته أَوْ رُدُّوها أي: أجيبوها بمثلها. ورد السلام ورجعه: جوابه بمثله. لأن المجيب يرد قول المسلّم ويكرره إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً أي: فيحاسبكم على كل شيء من أعمالكم التي من جملتها ما أمرتم به من التحية. فحافظوا على مراعاتها حسبما أمرتم به. وفي الآية فوائد شتى:
الأولى- نكتة نظمها مع آيات الجهاد هو التمهيد لمنع المؤمنين من قتل من ألقى إليهم السلام في الحرب الآتي قريبا، ببيان أن لكل مسلّم حقا يؤدى إليه. وذلك لأن السلام نوع من الإكرام. والمكرم يقابل بمثل إكرامه أو أزيد. قال الرازيّ: إن الرجل في الجهاد كان يلقاه الرجل في دار الحرب أو ما يقاربها فيسلم عليه. فقد لا يلتفت إلى سلامه عليه ويقتله. وربما ظهر أنه كان مسلما. فمنع الله المؤمنين عنه.
وأمرهم أن كل من يسلّم عليهم ويكرمهم بنوع من الإكرام يقابلونه بمثل ذلك الإكرام