للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو داود «١» : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من شفع لأخيه بشفاعة، فأهدى له هدية عليها، فقبلها، فقد أتى بابا عظيما من أبواب الكبائر»

. وهذا

الحديث أورده أيضا المنذريّ في (كتاب الترغيب والترهيب) في ترجمة (الترغيب في قضاء حوائج المسلمين وإدخال السرور عليهم، وما جاء فيمن شفع فأهدي إليه) ثم ساق حديث الشيخين «٢» وغيرهما عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم. لا يظلمه ولا يسلمه. ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته. ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كرب الدنيا يوم القيامة. ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» .

وروى الطبرانيّ بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه، ثم جعل من حوائج الناس إليه فتبرّم، فقد عرّض تلك النعمة للزوال» . وروي نحوه عن عائشة وابن عمر وابن عمرو.

وروى الطبرانيّ وابن حبان في (صحيحه) عن عائشة رضي الله عنها قالت:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ برّ أو تيسير عسير، أعانه الله إجازة الصراط يوم القيامة عند دحض الأقدام» .

وفي رواية للطبرانيّ عن أبي الدرداء: رفعه الله في الدرجات العلا من الجنة.

وروى الطبرانيّ عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من موجبات المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم» .

ورواه عن عمر مرفوعا بلفظ: أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن. ورواه بنحو ذلك أيضا عن ابن عمر وابن عباس وعائشة وغيرهم.

انظر الترغيب.

الخامسة- نكتة اختيار النصيب في (الحسنة) والكفل في (السيئة) ما أشرنا إليه. وذلك أن النصيب يشمل الزيادة. لأن جزاء الحسنات يضاعف. وأما الكفل فأصله المركب الصعب. ثم استعير للمثل المساوي. فلذا اختير، إشارة إلى لطفه بعباده. إذ لم يضاعف السيئات كالحسنات. ويقال: إنه وإن كان معناه المثل لكنه غلب في الشر وندر في غيره. كقوله تعالى: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ [الحديد: ٢٨] ، فلذا خص به السيئة تطرية وهربا من التكرار. و (من) بيانية أو ابتدائية. أفاده الخفاجيّ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً أي: مقتدرا. من (أقات على الشيء) إذا اقتدر عليه كما قال:


(١) أخرجه أبو داود في: البيوع، ٨٢- باب الهدية لقضاء الحاجة، حديث ٣٥٤١، عن أبي أمامة.
(٢) أخرجه البخاريّ في: المظالم، ٣- باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، حديث ١٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>