والكلمة السابقة، قال القاشانيّ: هو القضاء السابق أن لا يستأصل هذه الأمة بالدمار والعذاب في الدنيا، لكون نبيّهم نبيّ الرحمة. وقوله سبحانه: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ
[الأنفال: ٣٣] .
وقال الزمخشري: الكلمة السابقة هي العدة بتأخير جزائهم إلى الآخرة. يقول:
لولا هذه العدة لكان مثل إهلاكنا عادا وثمودا لازما لهؤلاء الكفرة. و (اللزام) إما مصدر (لازم) كالخصام، وصف به مبالغة. أو اسم آلة لأنها تبنى عليه كحزام وركاب، واسم الآلة يوصف به مبالغة أيضا، كقولهم: مسعر حرب، ولزاز خصم بمعنى ملحّ على خصمه. من (لزّ) بمعنى ضيق عليه.
وجوز أبو البقاء فيه كونه جمع (لازم) . كقيام جمع قائم.
وقوله تعالى: وَأَجَلٌ مُسَمًّى عطف على (كلمة) أي ولولا أجل مسمى لأعمارهم أو لعذابهم، وهو يوم القيامة أو يوم بدر، لما تأخر عذابهم أصلا.
قال أبو السعود: وفصله عما عطف عليه، للإشعار باستقلال كل منهما، بنفي لزوم العذاب ومراعاة فواصل الآية الكريمة.
وقد جوز عطفه على المستكن في (كان) العائد إلى الأخذ العاجل، المفهوم من السياق، تنزيلا للفصل بالخبر منزلة التأكيد. لكان الأخذ العاجل، وأجل مسمى لازمين لهم، كدأب عاد وثمود وأضرابهم. ولم ينفرد الأجل المسمى دون الأخذ العاجل. وقوله تعالى:
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى أي إذا كان تأخير عذابهم ليس بإهمال بل إمهال، فاصبر على ما يقولون من كلمات الكفر، فالفاء سببية. والمراد بالصبر عدم الاضطراب لما صدر منهم، لا ترك القتال حتى تكون الآية منسوخة. وفي التسبيح المأمور به وجهان:
الأول- أنه التنزيه. والمعنى: ونزه ربك عن الشرك وسائر ما يضيفون إليه من النقائص، حامدا له على ما ميّزك بالهدى، معترفا بأنه المولى للنعم كلها. ومن صيغه