يحضرونكم ليدفعوا عنكم! لأنهم كانوا يقولون: إن صح ما تقول فالأصنام تشفع لنا.
فهو كقوله: أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [الأنعام: ٢٢] ، وقيل: حكي عن المشركين زيادة في توبيخهم. قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وهم الأنبياء أو العلماء، الذين كانوا يدعونهم إلى الحق فيشاقونهم: إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ أي الفضيحة والعذاب عَلَى الْكافِرِينَ أي المشركين به تعالى. ما لا يضرهم ولا ينفعهم. وإنما قال الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ هذا شماتة بهم. وزيادة إهانة بالتوبيخ بالقول. وتقريرا لما كانوا يعظونهم، وتحقيقا لما أوعدوهم به.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ٢٨ الى ٢٩]
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ، فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها، فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ هذا إخبار عن حال المشركين الظالمي أنفسهم بتبديل فطرة الله، عند احتضارهم ومجيء الملائكة إليهم لقبض أرواحهم، بأنهم يلقون السلم، أي ينقادون ويسالمون ويتركون المشاقّة. والعدول إلى صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع. وأصل الإلقاء في الأجسام. فاستعمل في إظهار الانقياد. إشعارا بغاية خضوعهم واستكانتهم.
وجعل ذلك كالشيء الملقى بين يدي القاهر الغالب. على الاستعارة. وقوله تعالى:
ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ منصوب بقول مضمر، حال. أي قائلين ذلك. أو هو تفسير (للسلم) الذي ألقوه، لأنه بمعنى القول. بدليل الآية الأخرى: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ [النحل: ٨٦] ، كما يقولون يوم المعاد وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام: ٢٣] ، يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ [المجادلة: ١٨] ، ثم أخبر تعالى أن الملائكة تجيبهم بقوله: بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي فلا يفيد الإنكار والكذب على الأنفس فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أي مقدّرا خلودكم.
قال ابن كثير: وهم يدخلون جهنم من يوم مماتهم بأرواحهم. وينال أجسادهم، في قبورها. من حرّها وسمومها. فإذا كان يوم القيامة سلكت أرواحهم في