وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ أي جماعة من صلحائهم، يحاورون فريقا ممن دأب في عظتهم لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أي: مخترمهم ومطهّر الأرض منهم أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً أي بل معذبهم عذابا شديدا، إذ مجرد الإهلاك قد يوجد معه لطف، وأما شدة العذاب فتلك القاصمة قالُوا أي: الوعاظ مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ أي نعظهم معذرة إليه تعالى، لئلا ننسب إلى التفريط في وصيته بالنهي عن المنكر. وقرئ بالرفع. أي موعظتنا معذرة وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي ورجاء في أن يتقوا فيتوبوا فينجوا من الإهلاك.
فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أي فلما تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم، ترك الناسي للشيء، وأعرضوا عنه إعراضا كليّا، بحيث لم يخطر ببالهم شيء من تلك المواعظ أصلا أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا أي: المرتكبين المنكر.
فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ، أي تكبروا وأبوا أن يتركوا ما نهوا عنه قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ أي صاغرين أذلاء، بعداء من الناس.