للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٥]]

الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٥)

وقوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ أي: من الذبائح والصيد. تكريره تأكيد للمنة. قال أبو السعود: قيل المراد بالأيام الثلاثة وقت واحد. وإنما كرر للتأكيد. ولاختلاف الأحداث الواقعة فيه حسن تكريره. والمراد بالطيبات ما مرّ.

[تنبيه:]

قال بعض مفسري الزيدية: دلت الآية على جواز أكل العالي من الأطعمة والأصباغ. قال في (الروضة والغدير) : وإن كان التقنع بالأدون هو الأولى، كما فعله عليّ عليه السلام وغيره من الفضلاء. فقد روي أن عليّا عليه السلام كان يطعم الناس أطيب الطعام. فرأى بعض أصحابه طعامه. وهو خبر شعير غير منخول، وملح جريش، وهو مختوم عليه لئلا يبدل. ومن كلامه عليه السلام: والله! لأروضنّ نفسي رياضة تهش إلى القرص إن وجدته مطعوما، وإلى الملح إن وجدته مأدوما. ولما روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في كراهة الإدامين مجتمعين. انتهى.

وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ قال ابن عباس وأبو أمامة ومجاهد وسعيد ابن جبير وغيرهم: يعني ذبائحهم.

قال ابن كثير: وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء أن ذبائحهم حلال للمسلمين. لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله ولا يذكرون على ذبائحهم إلّا اسم الله، وإن اعتقدوا فيه ما هو منزه عنه، تعالى وتقدس. انتهى.

قال المهايميّ: وإن لم يعتد بذكرهم اسم الله، لكنهم لما ذكروه، أشبه ما يعتد بذكره، فأشبه طعامهم الطيبات.

[مباحث:]

الأول: ما ذكرناه من أن المعنيّ بالطعام الذبائح، هو الذي قاله أئمة السلف:

صحابة كابن عباس وأبي أمامة، وأتباعا كمجاهد وثمانية غيره، كما في ابن جرير «١» وابن كثير.


(١) الآثار من رقم ١١٢٣٦- ١١٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>