الحكمة في ذلك أن المكلف إذا علم أن أعماله تكتب عليه، وتعرض على رؤوس الأشهاد، كان أزجر عن المعاصي. وأن العبد إذا وثق بلطف سيده، واعتمد على عفوه وستره، لم يحتشم منه احتشامه من خدمه المطلعين عليه- أفاده القاضي-.
حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ أي: أسبابه ومباديه تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا أي: ملائكة موكلون بذلك، وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ أي: بالتواني والتأخير. وقال ابن كثير: أي: في حفظ روح المتوفى، بل يحفظونها ويتركونها حيث شاء الله عز وجل، إن كان من الأبرار ففي علّيين، وإن كان من الفجار في سجّين.
ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أي: الذي يتولى أمورهم. و (الحقّ) : العدل الذي لا يحكم إلا بالحق. قال ابن كثير: الضمير للملائكة. أو للخلائق المدلول عليهم ب (أحد) . والإفراد أولا، والجمع آخرا لوقوع التوفي على الانفراد، والرد على الاجتماع. أي: ردوا بعد البعث، فيحكم فيهم بعدله، كما قال: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة: ٤٩- ٥٠] . وقال: وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً [الكهف: ٤٧- ٤٩] . إلى قوله: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ولهذا قال: مَوْلاهُمُ الْحَقِّ.
أَلا لَهُ الْحُكْمُ يومئذ لا حكم فيه لغيره، وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ يحاسب الخلائق في أسرع زمان.