القرآن وقراءته. وخيرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت، فرأت، لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد، قراءته بحرف واحد. ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية. ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه بما أذن له في قراءته به.
يعني ممن كان في عهد النبوة متلقيا لذلك من الحضرة النبوية.
ثم قال ابن جرير:
لما جمع إمام المسلمين وأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه على تلاوة القرآن بحرف واحد في مصحف واحد، رأت الأمة أن فيما فعل الرّشد والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها. فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بها، لدثورها، وعفوّ آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها، فلا قراءة اليوم للمسلمين إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية.
فإن قال بعض من ضعفت معرفته: كيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها الرسول صلوات الله عليه وأمرهم بقراءتها؟
قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة، لأن القراءة بها، لو كانت فرضا عليهم، لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة، عند من تقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قراءة الأمة. وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين، بعد أن يكون في نقلة القرآن من الأمة من تجيب بنقله الحجة ببعض تلك الأحرف السبعة.
وإذ كان ذلك كذلك، لم يكن القوم بتركهم نقل جميع القراءات السبع، تاركين ما كان عليهم نقله، بل كان الواجب عليهم من الفعل ما فعلوا إذ كان الذي فعلوا من ذلك، كان كان هو النظر للإسلام وأهله. فكان القيام بفعل الواجب عليهم، بهم أولى من فعل ما لو فعلوه كانوا إلى الجناية على الإسلام وأهله أقرب منهم إلى السلامة، من ذلك. (أي من الجناية على الإسلام) .
[بيان أن اختلاف القراءة في رفع حرف ونصبه ونحوه ليس من السبعة الأحرف]
قال ابن جرير: وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه،