للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي إدخال همزة الإنكار على الظرف إيذان بأن مدار الإنكار ليس نفس الشك بل وقوعه فيما لا يكاد يتوهم فيه الشك أصلا، وفي العدول عن تطبيق الجواب على كلام الكفرة بأن يقولوا: (أأنتم في شكّ مريب من الله) مبالغة في تنزيه ساحة جلاله عن شائبة الشك وتسجيل عليهم بسخافة العقول.

وقوله تعالى: يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ أي: يدعوكم إلى الإيمان بإرساله إيانا، لا أنّا ندعوكم إليه من تلقاء أنفسنا كما يوهمه قولكم: (مما تدعوننا إليه) . ولام (ليغفر) متعلقة ب (يدعو) أي: لأجل المغفرة لا لفائدته، تعالى وتقدّس، أو للتعدية أي: يدعوكم إلى المغفرة: كقولك: دعوتك لزيد. و (من) إمّا تبعيضيّة أي: بعض ذنوبكم وهو ما بينهم وبين الله تعالى دون المظالم، أو صلة، على مذهب الأخفش وغيره، من زيادتها في الإيجاب، أو للبدل أي: بدل عقوبة ذنوبكم، أو على تضمين (يغفر) معنى (يخلص) .

وادعى الزمخشريّ مجيئه ب (من) هكذا في خطاب الكافرين دون المؤمنين في جميع القرآن. قال: وكان ذلك للتفرقة بين خطابين، ولئلا يسوى بين الفريقين في الميعاد.

قال في (الكشف) : وللتخصيص فائدة أخرى وهي التفرقة بين الخطابين بالتصريح بمغفرة الكل وإبقاء البعض في حق الكفرة مسكوتا عنه لئلا يتكلوا على الإيمان.

وقوله تعالى: وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي: يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي: آية مما نقترحه تدل على فضلكم علينا بالنبوّة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : آية ١١]]

قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)

قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أي: بالرسالة والنبوة وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أي: بأمره وإرادته،

<<  <  ج: ص:  >  >>