للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عروة قال: أنزل في سودة وأشباهها: وَإِنِ امْرَأَةٌ الآية وذلك أن سودة كانت امرأة قد أسنت. ففرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وضنّت بمكانها منه وعرفت من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ومنزلتها منه. فوهبت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة. فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى نحوه أبو داود «١» الطيالسيّ والترمذيّ عن ابن عباس.

وروى الحاكم عن عروة عن عائشة أنها قالت له: يا ابن اختي! كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضّل بعضنا على بعض في القسم في مكثه عندنا. وكان قلّ يوم إلا وهو يطوف علينا. فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى من هو يومها. فيبيت عندها. ولقد قالت سودة بنت زمعة، حين أسنّت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا رسول الله! يومي هذا لعائشة. فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها.

قالت: نقول في ذلك أنزل الله تعالى، وفي أشباهها، أراه قال: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً ...

الآية. وكذلك رواه أبو داود «٢» . وفي الصحيحين «٣» عن عائشة قالت: لما كبرت سودة بنت زمعة، وهبت يومها لعائشة. فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقسم لها بيوم سودة. ولا يخفى أن قبوله صلى الله عليه وسلم ذلك من سودة، إنما هو لتتأسى به أمته في مشروعية ذلك وجوازه. فهو أفضل في حقه عليه الصلاة والسلام.

وقول بعض المفسرين في هذه القصة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان عزم على طلاق سودة- باطل وسوء فهم من القصة. إذ لم يرو عزمه صلى الله عليه وسلم على ذلك. لا في الصحاح ولا في السنن ولا في المسانيد. غاية ما روي في السنن أن سودة خشيت الفراق لكبرها.

وتوهمته. وجليّ أن للنساء في باب الغيرة أوهاما منوعة. فتقدمت للنبيّ صلى الله عليه وسلم بقبول ليلتها لعائشة. فقبل منها. وما رواه ابن كثير عن بعض المعاجم من كونه صلى الله عليه وسلم بعث إليها بطلاقها، ثم ناشدته فراجعها- فهو (زيادة عن إرساله وغرابته، كما قاله) فيه نكارة لا تخفى.

[لطيفة:]

حكى الزمخشريّ هنا أن عمران بن حطان الخارجيّ كان من أدمّ بني آدم.

وامرأته من أجملهم. فأجالت في وجهه نظرها يوما. ثم تابعت الحمد لله. فقال:


(١) أخرجه في: التفسير، ٤- سورة النساء، ٢٦- حدثني محمد بن المثنى.
(٢) أخرجه في: النكاح، ٣٨- باب في القسم بين النساء، حديث ٢١٣٥.
(٣) أخرجه البخاريّ في: النكاح، ٩٨- باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها، وكيف يقسم ذلك؟ حديث ١٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>