للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ لو كرهها لنقلنا عنها، وهما باطلان، لأن أحدهما تقليد للجهال، والتقليد ليس بطريق للعلم، والثاني افتراء على ذي الجلال.

قال الشهاب: في قوله تعالى: وَاللَّهُ أَمَرَنا: مضاف مقدر، أي أمر آباءنا، فلا يقال الظاهر أمرهم بها، والعدول عن الظاهر إشارة إلى ادعاء أنّ أمر آباءهم أمر لهم.

قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أي: هذا الذي تصنعونه فاحشة منكرة، والله لا يأمر بمثل ذلك، لأن عادته سبحانه وتعالى جرت على الأمر بمحاسن الأفعال والحث على مكارم الخصال أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ إنكار لإضافتهم الأمر بالفحشاء إليه سبحانه، يتضمن النهي عن الافتراء عليه تعالى، وفيه شهادة على أن مبنى قولهم على الجهل المفرط. قال الشهاب: ولا دليل في الآية لمن نفى القياس، بناء على أن ما يثبت به مظنون لا معلوم، لأنه مخصوص في عمومها بإجماع الصحابة ومن يعتد به، أو بدليل آخر.

[تنبيه:]

قال مجاهد: كان المشركون يطوفون بالبيت عراة، يقولون: نطوف كما ولدتنا أمهاتنا، فتضع المرأة على قبلها النّسعة أو الشيء وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كلّه ... وما بدا منه فلا أحلّه

فأنزل الله وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً الآية- قال ابن كثير: كانت العرب، ما عدا قريشا، لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها، يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها.

وكانت قريش- وهم الحمس- يطوفون في ثيابهم، ومن أعاره أحمسيّ ثوبا طاف فيه، ومن معه ثوب جديد طاف فيه ثم يلقيه، فلا يتملكه أحد، ومن لم يجد ثوبا جديدا، ولا أعاره أحمسيّ ثوبا، طاف عريانا، وربما كانت امرأة، فتطوف عريانة، فتجعل على فرجها شيئا ليستره بعض الستر، فتقول: اليوم يبدو ... - البيت- وأكثر ما كان النساء يطفن بالليل، وكان هذا شيئا قد ابتدعوه من تلقاء أنفسهم، واتبعوا فيه آباءهم، ويعتقدون أن فعل آبائهم مستند إلى أمر من الله وشرع، فأنكر تعالى عليهم ذلك.

وذكر السيوطي في (الإكليل) عن ابن عباس أيضا، أنه نزلت في طوافهم بالبيت عراة، رواه أبو الشيخ وغيره. قال: ففيها وجوب ستر العورة في الطواف.

<<  <  ج: ص:  >  >>