للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: وقد اختلف السلف في ذلك. فقال الأوزاعيّ وربيعة والثوريّ ومالك وأبو حنيفة وأكثر أصحابه: يزوّج الوليّ نفسه. ووافقهم أبو ثور. وعن مالك: لو قالت الثيب لوليّها: زوجني بمن رأيت، فزوجها من نفسه، أو ممن اختار، لزمها ذلك. ولو لم تعلم عين الزوج. وقال الشافعيّ: يزوجهما السلطان أو وليّ آخر مثله، أو أقعد منه. ووافقه زفر وداود. وحجتهم أن الولاية شرط في العقد. فلا يكون الناكح منكحا، كما لا يبيع من نفسه. انتهى.

الحكم الثالث- أنه يجوز للأولياء التصرف في المال. لأن القيام بالقسط لا يتم إلا بذلك وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ لا سيما في حق الضعفاء من حفظ أموالهم والقيام بتدبيرهم والإقساط لهم فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً فيجزيكم به.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٢٨]]

وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٢٨)

وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها أي: زوجها نُشُوزاً أي: تجافيا عنها وترفعا عن صحبتها، بترك مضاجعتها والتقصير في نفقتها أَوْ إِعْراضاً أي: تطليقا. أو أن يقلّ محادثتها ومجالستها. كراهة لها أو لطموح عينه إلى أجمل منها فَلا جُناحَ أي لا إثم عَلَيْهِما حينئذ أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً بحطّ شيء من المهر أو النفقة. أو هبة شيء من مالها أو قسمها، طلبا لبقاء الصحبة إن رضيت بذلك. وإلا فعلى الزوج أن يوفيها حقها أو يفارقها. قال في (الإكليل) : الآية أصل في هبة الزوجة حقها من القسم وغيره. استدل به من أجاز لها بيع ذلك وَالصُّلْحُ خَيْرٌ أي من الفرقة والنشوز والإعراض. قال ابن كثير: بل الطلاق بغيض إليه سبحانه وتعالى.

ولهذا جاء

في الحديث الذي رواه أبو داود «١» وابن ماجة «٢» عن عبد الله بن عمر قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبغض الحلال إلى الله الطلاق.

قال بعض مفسري الزيدية: وفي هذه الآية حث على الصبر على نفس الصحبة. لقوله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ أي:


(١) أخرجه في: الطلاق، ٣- باب في كراهية الطلاق، حديث ٢١٧٨.
(٢) أخرجه في: الطلاق، ١- باب حدثنا سويد بن سعيد، حديث ٢٠١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>