للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان سبق لي، من أيام معدودات أن كتبت في مقدمة مجموعة الخطب في سر الصلاة عليه، ما مثله: ويسنّ يوم الجمعة إكثار الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ليذكر الرحمة ببعثته، والفضل بهدايته والمنة باقتفاء هديه وسنته، والصلاح الأعظم برسالته، والجهاد للحق بسيرته، ومكارم الأخلاق بحكمته، وسعادة الدارين بدعوته، صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله. ما ذاق عارف سرّ شريعته. وأشرق ضياء الحق على بصيرته، فسعد في دنياه وآخرته.

الخامس- قال الرازيّ: ذكر (تسليما) للتأكيد ليكمل السلام عليه. ولم يؤكد الصلاة بهذا التأكيد، لأنها كانت مؤكدة بقوله إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ انتهى.

وقيل: إنه من الاحتباك. فحذف (عليه) من أحدهما. و (المصدر) من الآخر.

قال القاضي: قيل معنى وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً أي انقادوا لأوامره. فالسلام من التسليم والانقياد.

السادس- قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) : سئلت عن إضافة الصلاة إلى الله دون السلام، وأمر المؤمنين بها وبالسلام، فقلت: يحتمل أن يكون السلام له معنيان: التحية والانقياد. فأمر به المؤمنون لصحتهما منهم. والله وملائكته لا يجوز منهم الانقياد، فلم يضف إليهم، دفعا للإيهام. والعلم عند الله. انتهى.

وقال الشهاب: قد لاح لي في تخصيص السلام بالمؤمنين دون الله وملائكته، نكتة سرية. وهي أن السلام تسليمه عما يؤذيه. فلما جاءت هذه الآية عقيب ذكر ما يؤذي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والأذية إنما هي من البشر وقد صدرت منهم، فناسب التخصيص بهم والتأكيد. انتهى.

ولما أمر تعالى بالصلاة على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم التي هي الثناء عليه وتمجيده وتعظيمه، بيّن وعيد من لا يرعاها، بأن يجرأ على ضدها بقوله سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٧]]

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧)

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً أي ينالون فيه الهوان والخزي. والمقصود من الآية الرسول صلّى الله عليه وسلّم. وذكر الله تعالى إنما

<<  <  ج: ص:  >  >>