وجعل المسافر ابنا لها لملازمته إياها- كما يقال لطير الماء: ابن الماء، ويقال للرجل الذي أتت عليه السنون: ابن الأيام، وللشجعان: بنو الحرب، وللناس: بنو الزمان.
وَالسَّائِلِينَ وهم الذين يتعرضون للطلب، فيعطون من الزكوات والصدقات.
كما
روى الإمام أحمد عن حسين بن عليّ عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «١» : للسائل حق وإن جاء على فرس. ورواه أبو داود.
وَفِي الرِّقابِ معطوف على المفعول الأول- وهو ذوي- أي: وآتى المال في الرقاب، أي دفعه في فكّها، أي: لأجله وبسببه.
قال الراغب: الرقاب جمع رقبة. وأصل الرقبة: العنق. ويعبّر بها عن الجملة، كما يعبّر عنها بالرأس.
وقال الحراليّ: الرقاب جمع رقبة وهو ما ناله الرقّ من بني آدم. فالمراد: الرقاب المسترقّة التي يرام فكّها بالكتابة- وفكّ الأسرى منه- وقدّم عليهم أولئك لأنّ حاجتهم لإقامة البنية.
قيل نكتة إيراد (في) هو أنّ ما يعطى لهم: مصروف في تخليص رقابهم، فلا يملكونه كالمصارف الأخرى. والله أعلم.
[لطيفة:]
قال الراغب: إن قيل كيف اعتبر الترتيب المذكور في قوله تعالى وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ... الآية؟ قيل: لما كان أولى من يتفقدّه الإنسان بمعروفه أقاربه، كان تقديمها أولى ثمّ عقبه باليتامى لأن مواساتهم بعد الأقارب أولى. ثمّ ذكر المساكين الذين لا مال لهم حاضرا ولا غائبا. ثمّ ذكر ابن السبيل الذي قد يكون له مال غائب.
ثم ذكر السائلين الذين منهم صادق وكاذب، ثم ذكر الرقاب الذين لهم أرباب يعولونهم. فكلّ واحد ممن أخّر ذكره أقل فقرا ممن قدّم ذكره ... !
وَأَقامَ الصَّلاةَ أي: أتمّ أفعالها في أوقاتها- بركوعها وسجودها وطمأنينتها وخشوعها- على الوجه الشرعي المرضيّ. وَآتَى الزَّكاةَ أي: زكاة المال المفروضة على أن المراد بما مرّ من إيتاء المال، التنفل بالصدقات والبرّ والصلة. قدّم على الفريضة مبالغة في الحث عليه، أو المراد بهما المفروضة، والأول لبيان
(١) أخرجه أبو داود في: الزكاة، ٣٣- باب حق السائل، حديث ١٦٦٥.