للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي على تبليغ الرسالة المفهوم من أَرْسَلْناكَ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا أي يتقرب إليه بالإيمان والطاعة. أي إلى رحمته أو جنابه. فاتخاذ السبيل، مراد به لازم معناه. لأن من سلك طريق شيء، قرب إليه، بل وصل.

قال الزمخشريّ: مثال إِلَّا مَنْ شاءَ والمراد: إلّا فعل من شاء. واستثنائه عن الأجر قول ذي شفقة عليك، قد سعى لك في تحصيل مال: (ما أطلب منك ثوابا على ما سعيت، إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه) فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب. ولكن صوّره هو بصورة الثواب وسماه باسمه، فأفاد فائدتين:

إحداهما- قلع شبهة الطمع في الثواب من أصله. كأنه يقول لك: إن كان حفظك لمالك ثوابا، فإني أطلب الثواب.

والثانية- إظهار الشفقة البالغة، وأنك إن حفظت مالك اعتدّ بحفظك ثوابا ورضي به، كما يرضى المثاب بالثواب.

ولعمري إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مع المبعوث إليهم بهذا الصدد وفوقه. انتهى.

والاستثناء على هذا متصل ادعاء.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : آية ٥٨]]

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨)

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ أي في دفع شرهم ومكرهم وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً أي عليما لا يعزب عنه منها شيء، فيجزيهم عليها.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : آية ٥٩]]

الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩)

الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ أي من أيامه تعالى، أو أيام الخلق، قولان للسلف ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ أي علا فوقه علوّا يليق بجلاله المقدس. وتقدم تفسيره الرَّحْمنُ مرفوع على المدح. أي هو الرحمن، وهو في الحقيقة وصف آخر للحيّ، كما قرئ بالجرّ. وقيل: الموصول مبتدأ والرحمن خبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>