للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التوبة: ٢٠- ٢١] ، وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت: ٣٠] ، وإما مراد به المبشر به، وتعريفه للعهد. كقوله سبحانه: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [الحديد: ١٢] .

وقوله تعالى: تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ

أي لمواعيده لِكَ

أي بشراكم، وهي الجنة. وَالْفَوْزُ الْعَظِيمُ

أي المنال الجليل. الذي لا مطلب وراءه. كيف؟

وقد فازوا بالجنة وما فيها، ونجوا من النار وما فيها.

[تنبيه:]

هذه الآية الكريمة أصل في بيان أولياء الله، وقد بيّن تعالى في كتابه، ورسوله في سنته، أن لله أولياء من الناس، كما أن الشيطان أولياء، وللإمام تقيّ الدين بن تيمية، عليه الرحمة، كتاب في ذلك سماه (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان) نقتبس منه جملة يهم الوقوف عليها. لكثرة ما يدور على الألسنة من ذكر الوليّ والأولياء. قال رحمه الله:

إذا عرف أن الناس فيهم أولياء الرحمن، وأولياء الشيطان، فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء، كما فرق الله ورسوله بينهما. فأولياء الله هم المؤمنون المتقون، كما في هذه الآية،

وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاريّ وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «١» : يقول الله: من عادى لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة، أو فقد آذنته بالحرب «٢» ... الحديث

- وهذا أصح حديث يروى في الأولياء، دل على أن من عادى وليّا لله، فقد بارز الله بالمحاربة.

وفي حديث آخر: وإنّي لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب

. أي: آخذ ثأرهم ممن عاداهم، كما يأخذ الليث الحرب ثأره، وهذا، لأن أولياء الله هم الذي آمنوا به ووالوه، فأحبوا ما يحب، وأبغضوا ما يبغض، ورضوا بما يرضى، وسخطوا بما يسخط، وأمروا بما يأمر، ونهوا عما نهى، وأعطوا لمن يحب أن يعطى، ومنعوا من يحب أن يمنع.


(١) أخرجه ابن ماجة في: الفتن، ١٦- باب من ترجى له السلامة من الفتن، حديث رقم ٣٩٨٩.
(٢) أخرجه البخاريّ في: الرقاق، ٣٨- باب التواضع، حديث رقم ٢٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>