للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البعد. وإنما لم يؤنث لأنه اسم لما بلي من العظام. جامد غير صفة، كالرمة والرفات.

أو مشتق، فعيل بمعنى فاعل. إلا أنه لما غلب جريانه على غير موصوف، ألحق بالأسماء فلم يؤنث. أو بمعنى مفعول. من (رمّه) بمعنى أبلاه. وأصله الأكل. من (رمت الإبل الحشيش) فكأن ما بلي أكلته الأرض. وقال الأزهري: إن (عظاما) لكونه بوزن المفرد، ككتاب وقراب، عومل رميم معاملته. وذكر له شواهد.

قال الشهاب: وهو غريب.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٧٩]]

قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)

قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ أي فلا تقاس قدرة الخالق على قدرة المخلوقين. وإنما تقاس إعادته على إبدائه وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ أي فلا يمتنع عليه جمع الأجزاء بعد تفرقها، لعلمه بأصولها وفصولها ومواقعها، وطريق ضمها إلى بعضها.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٨٠]]

الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠)

الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ أي الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء حتى صار خضرا نضرا فأثمر وينع، ثم أعاده إلى أن صار حطبا يابسا يوقد به النار، كذلك هو فعال لما يشاء، قادر على ما يريد. لا يمنعه شيء. قال قتادة: الذي أخرج النار من هذا الشجر، قادر على أن يبعثه. وقيل: المراد بذلك شجر المرخ والعفار (من شجر البادية) في أرض الحجاز. فيأتي من أراد قدح نار وليس معه زناد، فيأخذ منه عودين أخضرين، ويقدح أحدها بالآخر، فتتولد النار من بينهما كالزناد سواء. روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما. والعفار الزند وهو الأعلى.

والمرخ الزندة وهو الأسفل بمنزلة الذكر والأنثى. وعكس الجوهريّ فجعل المرخ ذكرا والعفار أنثى، واللفظ مساعد له. إلا أن الأول يؤيده قول الشاعر:

إذا المرخ لم يور تحت العفار ... وضنّ بقدر فلم تعقب

وقال أبو زياد: ليس في الشجر كله أورى نارا من المرخ. وربما كان المرخ مجتمعا ملتفا، وهبت الريح، وجاء بعضه بعضا فأورى فأحرق الوادي. ولم نر ذلك في سائر الشجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>