الوضعي، واللفظ غير عربي، فلا. وفي كتاب (تأويل الأسماء الواقعة في الكتب السالفة) أن نوحا معناه راحة أو سلوان، فتثبّت.
وكان، قبل بعثة نوح عليه السلام، قوم عرفوا الله وعبدوه خصوصا في عائلة شيث عليه السلام، ثم فسد نسل شيث أيضا، واختلطوا مع الأشرار، وامتلأت الأرض من جرائمهم، وزاغوا عن الصراط المستقيم، وصاروا يعبدون الأوثان والأصنام، فأرسل الله تعالى إليهم نوحا عليه السلام، ليدلهم على طريق الرشاد.
قال ابن كثير: قال عبد الله بن عباس وغير واحد من علماء التفسير: كان أول ما عبدت الأصنام أن قوما صالحين ماتوا، فبنى قومهم عليهم مساجد، وصوروا صور أولئك فيها ليتذكروا حالهم وعبادتهم فيتشبهوا بهم. فلما طال الزمان جعلوا أجسادا على تلك الصور، فلما تمادى الزمان عبدوا تلك الأصنام وسموها بأسماء أولئك الصالحين: ودّا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا. فلما تفاقم الأمر بعث الله سبحانه- وله الحمد والمنة- رسوله نوحا فأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له فَقالَ يا قَوْمِ أي: الذين حقهم أن يشاركوني في كمالاتي اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ أي:
مستحق للعبادة في الوجود غَيْرُهُ قرئ بالحركات الثلاث، فالرفع صفة لإله، باعتبار محله الذي هو الرفع على الابتداء أو الفاعلية، وبالجر على اللفظ، وبالنصب على الاستثناء، وحكم (غير) حكم الاسم الواقع بعد (إلا) ، أي: ما لكم من إله إلا إياه إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ أي: إن تركتم عبادته أو عبدتم غيره عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ هو يوم القيامة إذا لقيتم الله وأنتم مشركون به، أو يوم نزول العذاب عليهم، وهو الطوفان. ووصف اليوم ب (العظم) لبيان عظم ما يقع فيه، وتكميل الإنذار.
قال الزمخشري: فإن قلت: فما موقع الجملتين بعد قوله اعْبُدُوا اللَّهَ قلت:
الأولى- بيان لوجه اختصاصه بالعبادة، والثانية- بيان للداعي إلى عبادته، لأنه هو المحذور عقابه، دون ما كانوا يعبدونه من دون الله.
قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ أي: الأشراف، أو الجماعة، أو ذوو الشارة والتجمع إِنَّا لَنَراكَ أي: بأمرك بعبادة الله، وترك عبادة غيره وتخويف العذاب على ترك عبادة الله، وعلى عبادة غيره فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي: في ذهاب عن طريق الحق والصواب،