لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى أي: للمؤمنين الذين استجابوا لربهم بطاعته وطاعة رسوله، المثوبة الحسنى كما قال تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يونس: ٢٦] ، فالحسنى مبتدأ قدم عليه خبره الموصول وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ وهم الكفرة لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أي: بما في الأرض ومثله معه من أصناف الأموال، ليتخلّصوا عما بهم، وفيه من تهويل ما يلقاهم ما لا يحيط به البيان ولأجله عدل عن أن يقال: وللذين لم يستجيبوا السوءى، كما تقتضيه المقابلة أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ أي: في الدار الآخرة. فيناقشون على الجليل والحقير وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ أي: المستقر. وفي قوله: وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ إشعار بتفسير الحسنى بالجنة، لانفهامها من مقابلتها.
أَفَمَنْ يَعْلَمُ أي يصدّق أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يعني القرآن الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى أي: كمن لا يعلم ذلك، إلا أنه أريد تقبيح حاله فعبّر عنه بالأعمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ أي: العقول المبرأة عن مشايعة الإلف ومتابعة الوهم.
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ أي: مما كلفهم به وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ أي: ما وثقوه على أنفسهم وقبلوه من الإيمان بالله وغيره من المواثيق بينهم وبين العباد، وهو تعميم بعد تخصيص، وفيه تأكيد للاستمرار المفهوم من صيغة المستقبل- أفاده أبو السعود.