و (شرحه) قال القاشانيّ: لما رأى شعيب، عليه السلام، ضلالتهم بالشرك، واحتجابهم عن الحق بالجبت، وتهالكهم على كسب الحطام بأنواع الرذائل، وتماديهم في الحرص على جمع المال بأسوأ الخصال- نهاهم عن ذلك، وقال: إني أراكم بخير في استعدادكم من إمكان حصول كمال وقبول هداية، وإني أخاف عليم إحاطة خطيئاتكم، لاحتجابكم عن الحق، ووقوفكم مع الغير، وصرف أفكاركم بالكلية إلى طلب المعاش، وإعراضكم عن المعاد، وقصور هممكم على إحراز الفاسدات الفانيات، عن تحصيل الباقيات الصالحات، فلازموا التوحيد والعدالة، واعتزلوا عن الشرك، والظلم، الذي هو جماع الرذائل وأم الغوائل.
وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ أي لا تعملوا فيها الفساد. يعمّ أيضا تنقيص الحقوق وغيره، كالسرقة، والدعاء إليه، والصدّ عن الإيمان ونحوها.
بَقِيَّتُ اللَّهِ أي ثوابه الباقي على وفاء الكيل والوزن، أو ما أبقاه عليكم بعد التنزه عن الحرام، أو ما تفضل عليكم من الربح بعد وفائهما خَيْرٌ لَكُمْ أي في دينكم ودنياكم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فإن المؤمن يبارك له، إذا تنزه عن الحرام. أو مصدقين بما أقول.
وقال القاشانيّ: أي إن كنتم مصدقين ببقاء شيء، فما يبقى لكم عند الله من الكمالات والسعادات الأخروية، خير لكم من تلك المكاسب الفانية التي تشقون بها، وتشقّون على أنفسكم في كسبها وتحصيلها، ثم تتركونها بالموت، ولا يبقى منها معكم شيء إلا وبال التبعات والعذاب اللازم، لما في نفوسكم من رواسخ الهيئات.
وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ أي رقيب لأحفظكم عن القبائح وأكفكم عنها بسيطرة. وإنما أنا مبلغ نذير.