وَرَحْمَةً أي بالإرشاد إلى العمل الصالح لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي فيتعظون به ويهتدون بسببه.
ثم أشار تعالى إلى كون التنزيل وحيا من علّام الغيوب، ببيان أنه ما فصّل من هذه الأنبياء لا يتسنى إلا بالمشاهدة أو التعلم، وكلاهما معلوم الانتفاء، فتحقق صدق الإيحاء. وذلك قوله سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة القصص (٢٨) : الآيات ٤٤ الى ٤٦]
وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ أي الوادي الغربي الذي كوشف فيه موسى عن المناجاة إِذْ قَضَيْنا أي قدرنا وأنهينا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ أي أمر الإرسال والإنباء وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً أي بين زمانك وزمان موسى فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أي أمد انقطاع الوحي، واندرست معالم الهدى، وعم الضلال والبغي والردى، فاقتضت رحمتنا إرسالك لنخرجهم من الظلمات إلى النور وَما كُنْتَ ثاوِياً أي مقيما فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ أي لك، وموحين إليك تلك الآيات. أي ما كان الإنباء بها إلا وحيا مصدره الرسالة وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا أي وقت ندائنا موسى وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أي ولكن أرسلناك بالقرآن الناطق بما ذكر وبغيره، لرحمة عظيمة كائنة منّا لك وللناس لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ أي من نذير في زمان الفترة، بينك وبين عيسى لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي يتعظون بإنذارك.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة القصص (٢٨) : الآيات ٤٧ الى ٤٨]