وركع إذا انحنى كثيرا، ولا يصح حمل الركوع على ظاهره لأنه لا يمكن في حال السجود، وإن ارتكب فيه تأويل لم يكن تأويل مما ذكرته في الركوع- والله أعلم- واحتججت باللغة لأن مترجم نسخة التوراة، التي وقعت لي، في عداد البلغاء، يعرف ذلك من تأمل مواقع ترجمته لها. على أن سألت عن صلاة اليهود الآن فأخبرت أنه ليس فيها ركوع، ثم رأيت البغويّ صرح في قوله تعالى وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة: ٤٣] . بأن صلاتهم لا ركوع فيها، وكذا ابن عطية وغيرهما. انتهى كلام البقاعيّ.
[لطيفة:]
قال السيوطيّ في (الإكليل) : في الآية دليل على أن الجماعة مطلوبة في الصلاة، وعلى أن المرأة تندب لها الجماعة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٤٤]]
ذلِكَ إشارة إلى ما سبق مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ أي الأنباء المغيبة عنك نُوحِيهِ إِلَيْكَ مطابقا لما في كتابهم. وتذكير الضمير في نُوحِيهِ بجعل مرجعه ذلك وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ أي وما كنت معاينا لفعلهم وما جرى من أمرهم في شأن مريم إذ يلقون أقلامهم أي سهامهم التي جعلوا عليها علامات يعرف بها من يكفل مريم على جهة القرعة وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ بسببها تنافسا في كفالتها وقد روي عن قتادة وغيره أنهم ذهبوا إلى نهر الأردنّ واقترعوا هنالك على أن يلقوا أقلامهم. فأيهم ثبت في جرية الماء فهو كافلها. فألقوا أقلامهم، فاحتملها الماء إلا قلم زكريا، فإنه ثبت، ويقال إنه ذهب صاعدا يشق جرية الماء- والله أعلم. قال أبو مسلم: معنى يلقون أقلامهم، مما كانت الأمم تفعله من المساهمة عند التنازع فيطرحون منها ما يكتبون عليها أسماءهم، فمن خرج له السهم سلم له الأمر، وقد قال الله تعالى: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
[الصافات: ١٤١] ، وهو شبيه بأمر القداح التي تتقاسم بها العرب لحم الجزور. وإنما سميت هذه السهام أقلاما لأنها تقلم وتبرى، وكل ما قطعت منه شيئا بعد شيء فقد قلمته، ولهذا السبب يسمى ما يكتب به قلما. وقال السيوطيّ في (الإكليل) : هذه