أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً لما ذكر تعالى، قبل، كيد المشركين وكيدودتهم استفزازه من الأرض، أمره بأن يستعين بإقامة الصلوات والإقبال على عبادته تعالى، والابتهال إليه على دفع كيدهم ومكرهم، وتأييده عليهم. ونظيره قوله تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ [الحجر: ٩٧- ٩٨] ، وقوله: فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها، وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى [طه: ١٣٠] ، وقوله: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة: ٤٥] ، هذا من حيث نظم الآية مع ما قبلها. وأما معناها، فقوله: لِدُلُوكِ الشَّمْسِ أي لزوالها. قال ابن تيمية: الدلوك الزوال عند أكثر السلف وهو الصواب. واللام للتأقيت. أي بيان الوقت بمعنى (بعد) وتكون بمعنى (عند) أيضا. وقيل: للتعليل. لأن دخول الوقت سبب لوجوب الصلاة. وأما غَسَقِ اللَّيْلِ فهو اجتماع الليل وظلمته. وأما قُرْآنَ الْفَجْرِ فهو صلاة الصبح. سميت قرآنا لأنه ركنها. كما سميت ركوعا وسجودا. فهو من تسمية الكل باسم جزئه المهمّ. فيدل على وجوب القراءة فيها صريحا، وفي غيرها بدلالة النص والقياس. ومعنى مَشْهُوداً يشهده ملائكة الليل والنهار. ينزل هؤلاء ويصعد هؤلاء فهو في آخر ديوان الليل وأول ديوان النهار. أو يشهده الكثير من المصلين في العادة! ومن حقه أن يكون مشهودا بالجماعة الكثيرة. والأكثرون على أن قوله تعالى: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ منصوب بالعطف على (الصلاة) أي: وأقم صلاة الفجر. وجوّز بعض النحاة نصبه على الإغراء. أي: وعليك قرآن الفجر أو الزم.
[تنبيهات:]
الأول: هذه الآية جامعة للصلوات الخمس ومواقيتها، فدلوك الشمس يتناول الظهر والعصر تناولا واحدا. وغسق الليل يتناول المغرب والعشاء تناولا واحدا. وقرآن الفجر هي صلاة مفردة لا تجمع ولا تقصر. قيل: هذا يقتضي أن يكون الدلوك مشتركا بين الظهر والعصر. والغسق مشتركا بين المغرب والعشاء. فيدل على جواز