وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ أي على الوفاء بالعهد وَالصَّلاةِ أي التي سرها خشوع القلب للرب. فإنها من أكبر العون على الثبات في الأمر. قال ابن جرير: أي استعينوا على الوفاء بعهدي الذي عاهدتموني في كتابكم من طاعتي واتباع أمري وترك ما تهوونه من الرياسة وحب الدنيا إلى ما تكرهونه من التسليم لأمري واتباع رسولي محمد صلّى الله عليه وسلّم بالصبر عليه والصلاة. فالآية متصلة بما قبلها. كأنهم لما أمروا بما شق عليهم لما فيه من الكلفة وترك الرياسة والإعراض عن المال عولجوا بذلك. وَإِنَّها الضمير للصلاة. وتخصيصها برد الضمير إليها لعظم شأنها واشتمالها على ضروب من الصبر، وجوّز عود الضمير على الاستعانة بهما لَكَبِيرَةٌ لشاقة ثقيلة كقوله تعالى: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ [الشورى: ١٣] إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ.
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ أي محشورون إليه يوم القيامة للجزاء. والظنّ هنا بمعنى اليقين ومثله إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ [الحاقة: ٢٠] .
قال ابن جرير: العرب قد تسمي اليقين ظنا نظير تسميتهم الظلمة سدفة والضياء سدفة والمغيث صارخا والمستغيث صارخا وما أشبه ذلك من الأسماء التي يسمى بها الشيء وضده.
والشواهد على ذلك من أشعار العرب أكثر من أن تحصر وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ أي بعد الموت فيجازيهم.