للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من رواية سنيد بن داود في (تفسيره) عنه: إنها من خطوات الشيطان لا يلزم بها شيء وصحّ عن شريح- قاضي عليّ- وابن مسعود: إنها لا يلزم بها الطلاق. وهو مذهب داود بن عليّ وجميع أصحابه. فهذه أقوال أئمة المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

[فصل]

وقال الإمام ابن القيّم- أيضا- في (أعلام الموقعين) :

إن المطلّق في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وزمن أبي بكر، وصدرا من خلافة عمر، كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفم واحد جعلت واحدة. كما ثبت ذلك في (الصحيح) «٢» عن ابن عباس. فروى مسلم في (صحيحه) عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس:

كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر: طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب: إنّ الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.

وروى الإمام «١» أحمد عن ابن عباس قال: طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني مطّلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنا شديدا قال: فسأله رسول الله صلّى الله عليه وسلم كيف طلقها؟ قال:

طلقها ثلاثا، قال: فقال في مجلس واحد؟ قال: نعم! قال: فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت، قال: فرجعها

. فكان ابن عباس يرى: إنما الطلاق عند كلّ طهر. وقد صحح الإمام أحمد هذا الإسناد وحسنه. ثم إن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- لم يخف عليه. أن هذا هو السنة، وأنه توسعة من الله لعباده إذ جعل الطلاق مرة بعد مرة. وما كان مرة بعد مرة لم يملك المكلف إيقاع كلّه جملة واحدة. كاللعان فإنه لو قال: أشهد بالله أربع شهادات إني لمن الصادقين، كان مرة واحدة. ولو حلف في القسامة وقال: أقسم بالله خمسين يمينا إن هذا قاتله، كان يمينا واحدة. ولو قال المقرّ بالزنا: أنا أقرّ أربع مرات أني زنيت، كان مرة واحدة. فمن يعتبر الأربع لا يجعل ذلك الإقرار إلّا واحدا.

وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم «٣» : من قال في يوم (سبحان الله وبحمده) مائة مرة حطّت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.

فلو قال: (سبحان الله


(١) أخرجه مسلم في: الطلاق، حديث ١٥.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١/ ٢٦٥ حديث ٢٣٨٧.
(٣) أخرجه البخاريّ في: الدعوات، ٦٥- باب فضل التسبيح، حديث ٢٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>