إنقاذهم من ملكة فرعون، واستعباده، ومعاينتهم الآيات العظام، ومجاوزتهم البحر:
من عبادة البقر، وطلب رؤية الله جهرة، وغير ذلك من أنواع الكفر والعاصي، ليعلم حال الإنسان وأنه، كما وصفه لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم: ٣٤] ، جهول كنود، إلا من عصمه الله وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: ١٣] ، وليسلّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مما أري من بني إسرائيل بالمدينة، فقال تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ١٣٨]]
وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨)
وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ أي الذي أغرق فيه أعداءهم، وهو بحر القلزم ك (قنفذ) ، بلد كان في شرقيّ مصر، قرب جبل الطور، أضيف إليه، لأنه على طرفه، ويعرف البلد الآن ب (السويس) ومن زعم أن البحر هو نيل مصر، فقد أخطأ، كما في (العناية) .
فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ قرئ بضم الكاف وكسرها عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ أي يواظبون على عبادتها ويلازمونها قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً أي صنما نعكف عليه كَما لَهُمْ آلِهَةٌ أي أصنام يعكفون عليها قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ أي شأن الألوهية وعظمتها، وأنه لا يستحقها إلا الله وحده.
قال البغوي رحمه الله: ولم يكن ذلك شكّا من بني إسرائيل في وحدانية الله تعالى، وإنما معناه اجعل لنا شيئا نعظمه، ونتقرب بتعظيمه إلى الله تعالى. وظنوا أن ذلك لا يضر بالديانة، وكان ذلك لشدة جهلهم. انتهى.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ١٣٩]]
إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٩)
إِنَّ هؤُلاءِ يعني عبدة تلك التماثيل مُتَبَّرٌ أي مهلك ما هُمْ فِيهِ أي من الشرك وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ أي عبادة الأصنام، وإن كان قصدهم بذلك التقرب إلى الله تعالى، فإنه كفر محض.
قال الرازي: أجمع كلّ الأنبياء، عليهم السلام، على أن عبادة غير الله تعالى كفر، سواء اعتقد في ذلك الغير كونه إلها للعالم، أو اعتقد أن عبادته تقرب إلى الله