للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل من الدليلين إلى المبدأ والمعاد، وما بينهما. انتهى.

أخرج أبو داود «١» والترمذي عن أبي موسى الأشعري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض. جاء منهم. الأحمر والأبيض والأسود، وبين ذلك. والسهل والحزن، والخبيث والطيّب.

وقوله تعالى: ثُمَّ قَضى أَجَلًا أي: كتب لموت كل واحد منكم أجلا خاصّا به. أي حدّا معينا من الزمان يفنى عند حلوله. أو كتب، لما بين أن يولد كل منكم إلى يوم أن يموت، أجلا.

وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ أي: وحدّ معين لبعثكم جميعا، مثبت معيّن في علمه، لا يقبل التغيير، ولا يقف على وقت حلوله أحد. كقوله تعالى: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ [الأعراف: ١٨٧] . فمعنى عِنْدَهُ أنه مستقل بعلمه.

وأَجَلٌ مبتدأ لتخصيصه بالصفة، ولوقوعه في موقع التفصيل. وتنوينه لتفخيم شأنه، وتهويل أمره، ولذلك أوثر تقديمه على الخبر الذي هو عِنْدَهُ، مع أن الشائع في مثله التأخير، كأنه قيل: وأيّ أجل معين في علمه لا يعلمه أحد لا مجملا ولا مفصلا. أما أجل الموت فمعلوم إجمالا وتقريبا، بناء على ظهور أماراته، أو على ما هو المعتاد في أعمار الإنسان.

ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ استبعاد واستنكار لامترائهم في البعث، بعد معاينتهم لما ذكر من الحجج الباهرة الدالة عليه. أي: تمترون في وقوعه وتحققه في نفسه، مع مشاهدتكم في أنفسكم ما يقطع مادة الامتراء. فإن من قدر على خلق المواد وجمعها وإيداع الحياة فيها، وإبقائها ما يشاء، كان أقدر على جمع تلك المواد وإحيائها ثانيا.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٣]]

وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٣)

وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ أي المعبود فيهما،


(١) أخرجه أبو داود في: السنة، ١٦- باب في القدر، حديث ٤٦٩٣ وأخرجه الترمذي في: التفسير، ٢- سورة البقرة، ١- حدثنا محمد بن بشار.

<<  <  ج: ص:  >  >>