[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (٥٣) : آية ١٠]]
فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠)
حى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠) فَأَوْحى أي جبريل إِلى عَبْدِهِ
أي عبد الله تعالى، وهو النبيّ صلى الله عليه وسلم. وإنما أضمر اسمه تعالى لعدم اللبس، وغاية ظهوره. أو: فأوحى الله عز وجل بواسطة جبريل الذي تدلى إليه ما أَوْحى
أي مما أمره به. وفيه تفخيم للموحى به، إذ الإبهام يفيد التعظيم، كأنه أعظم من أن يحيط به بيان.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (٥٣) : آية ١١]]
ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١)
ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أي ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه من الملك الذي جاءه بالوحي من ربه. يعني: أنه رآه بعينه، وتيقنه بقلبه، ولم يشك في أن ما رآه حق وصدق وقرئ ما كَذَبَ بالتشديد. أي صدقه ولم يشك أنه ملك ربانيّ، لا خيال شيطانيّ، كما قال وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ [التكوير: ٢٥] . وقد ذكر ابن كثير أن هذه الرؤية في أوائل البعثة، كما تقدم النقل عنه.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (٥٣) : آية ١٢]]
أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢)
أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى أي أفتجادلونه وتلاحونه على ما يراه معاينة من رؤية الملك المنزل عليه.
قال القاشانيّ: أي أفتخاصمونه على شيء لا تفهمونه ولا يمكنكم معرفته وتصوره، فكيف يمكنكم إقامة الحجة عليه؟ وإنما المخاصمة حيث يمكن تصور الأمر المختلف فيه، ثم الاحتجاج عليه بالنفي والإثبات، فحيث لا تصور، فلا مخاصمة حقيقة. انتهى. وذلك لأن رؤية الملك وتنزله حالة خاصة بالنبيّ صلى الله عليه وسلم وإخوانه الأنبياء عليهم السلام، لا يمكن لغيرهم اكتناهها، وإنما عليهم الإيمان بها، والإذعان لها، لقيام الدليل عليها. وبالجملة، فالمراد أنه لا يصح المجادلة في المرئيّ، لأنه لا يجوز الجدال في المحسوسات، لا سيما إذا تعددت المشاهدة لها كما قال:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (٥٣) : الآيات ١٣ الى ١٨]
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧)
لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨)