للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ فآخر السورة، فيه رجوع لأوائلها بتذكير ما أمرت به، وما سبق نزولها لأجله.

وأصل (الكفل) الحظ. وأصله ما يكتفل به الراكب فيحبسه ويحفظه عن السقوط، والتثنية في مثله إما على حقيقتها، أو هي كناية عن المضاعفة. و (النور) هو ما يبصر من عمى الجهالة والضلالة، ويكشف الحق لقاصده. كما قال سبحانه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال: ٢٩] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الحديد (٥٧) : آية ٢٩]]

لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)

لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ متعلق بمضمون الجملة الطلبية المتضمنة لمعنى الشرط والتقدير: إن تتقوا الله وتؤمنوا برسوله يؤتكم ما ذكر، ليعلم أهل الكتاب الذين لم يسلموا عدم قدرتهم على شيء من فضل الله، وثبوت أن الفضل بيد الله. والمراد بالفضل ما آتاه المسلمين وخصهم به. لأنهم كانوا يرون أن الله فضلهم على جميع الخلق، فأعلمهم الله جل ثناؤه أنه قد آتى أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الفضل والكرامة ما لم يؤتهم، ليعلموا أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله، فضلا عن أن يتصرفوا في أعظمه، وهو النبوة، فيخصوا بها من أرادوا، وأن الفضل بيد الله دونهم، ودون غيرهم من الخلق، يؤتيه من يشاء من عباده.

و (لا) في لِئَلَّا صلة. قال السمين: وهو حرف شاعت زيادته.

وقال ابن جرير: وذكر أن في قراءة عبد الله (لكي يعلم) . قال: لأن العرب تجعل (لا) صلة في كل كلام دخل في أوله أو آخره جحد غير مصرح كقوله في الجحد السابق الذي لم يصرح به: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ [الأعراف:

١٢] ، وقوله: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام: ١٠٩] . وقوله:

وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها ... [الأنبياء: ٩٥] الآية. ومعنى ذلك: أهلكناها أنهم يرجعون. انتهى.

ونقل الثعالبي في (فقه اللغة) زيادتها في عدة شواهد. في فصل الزوائد والصلات التي هي من سنن العرب. فانظره، تزدد علما.

<<  <  ج: ص:  >  >>